نعمة عدم العدل في الحياة | ٧ تأملات لصحة نفسية أفضل

نعمة-عدم-العدل-في-الحياة-الطريق-للسعادة-والراحة-النفسية

الصحة النفسية هي مسعى الإنسان في الحياة. وغنى النفس الحقيقي في راحة البال والمزاج الجيد الرايق. وأثناء سعيك لصحة نفسية أفضل،تجد دائماََ منغصّات تحارب سلامك النفسي، وأولها أن الحياة ليست عادلة. وأنا سأسعى في هذا المقال أن أجلب لك الصحة النفسية بدون استشهادات ونظريات من علم النفس مقعدة. ستكتشف معي في هذا المقال حقيقة نفسية مُدهشة. 

من نعمة الله عليك أن الحياة ليست عادلة: 

ستصدمك إجابتي وربما تظن أنني أحاول اتباع مقولة " خالف تُعرف" رغبةََ في إثارة البلبلة، لكن أقسم لك أن هذه الخواطر التي ستقرأها في هذا المقال هي تجربة شخصية، وتأملات في هيئة أسئلة هي حديث دائم بيني وبين نفسي، وأتمنى أن تغيّر نظرتك للحياة. 

وبدون إطالة، دعني أشاركك في هذا المقال 7 أسباب لتحمد على نعمة عدم العدل في الحياة، فتصبح بصحة نفسية أفضل.


1- الصحة الجيدة والمُعافاة من الأمراض الوراثية:

ملايين الأطفال حول العالم يأتوا إلى الدنيا محكوم عليهم بمرض وراثي، وفي كثير من الأحيان يسترد الله وديعته في سن صغير جداََ. وأغلب الشباب من حولي لديهم مشاكل عويصة في فقرات الظهر، والضغط، والسكري. ولكنك بحمدلله لاتشكو من أي مرض، وتملك رفاهية الذهاب للنوم بدون ألم، والاستيقاظ بشهية للطعام.

تخيل أن هناك أطفال ولدوا بدون حاسة البصر أو السمع؟ وأنت تشاهد يومياََ عشرات مقاطع الفيديو، وتقضي ساعات في الحديث مع حبيب القلب، ولا تهنأ إلا إذا سمعت كلمة مديح أو حب حين يٌجازيك أحدهم عن تعبك خيراََ.

وأنت لديك صحة جيدة ومعافى من الأمراض الوراثية، لماذا أنت؟


2- وظيفة تُناسب أحلامك:

ملايين البشر معها شهادات خبرة أفضل منك، ولديها مهارات يصعب عليك المنافسة أمامها. ومع تفشّي الكورونا، خسر المزيد من الملايين أعمالهم. وبالرغم من كل هذه التحديات، ظللت في وظيفتك التي وفّرت لك قوت يومك، وساعدتك كل صباح على الاستيقاظ بهدف ومسؤولية يتمناها الكثيرين الذين ضعفوا وانتحروا من ضيق الحال!

وهذه ليست مبالغة، أتذكر انتحار موظف في شركة تيلي سيلز مشهورة في القاهرة بسبب ظروف العمل القاسية.

وأنت لديك وظيفة الآن تسعد بها، لماذا أنت؟


3- راحة البال

وجودك هنا الآن تتصفح مقالة هو رفاهية لايملكها الملايين. فهناك ملايين العمّال يتوسلون لقضاء مزيد من ساعات العمل لأجل رفع أجرة يومهم. وملايين المشرّدين بلا عمل يتوسلون لأصحاب الأعمال رغبة في العمل. وملايين المغتربين عن بلادهم يدعون انتهاء الغربة لرؤية أحبائهم، وهناك من لم يعد لهم أحداََ يعودوا إليه! وهناك آلاف السجون التي تحوي الملايين من الحقوقيين وجريمتهم هي التعبير عن الرأي، وملايين الجنود الشهداء الذين ماتوا فِداء رئيس لم يأبه لهم!

أما أنت يا ابن الطبقة المتوسطة يامثقف يا صاحب المزاج الرايق، لديك الآن رفاهية استثمار بعض الوقت في تغذية عقلك، لماذا أنت؟


4- توأم روح تأنس بوجوده:

ملايين الطيبين جداََ يُعانوا مِن الوحدة ليس لعدم وجود ناس حولهم، إطلاقاََ! وِحدتهم الحقيقية في وجود الكثيرين حولهم بلا اهتمام ولا معني! ألقاب على ورق لا أكثر. لذلك هم غير قادرين على الاندماج مع المجتمع من حولهم. سبب وحِدة النفس والتزايد في معدلات الإكتئاب المرضي - وليس فقط الضغط النفسي- هو خِلو حياة الملايين من صديق بدرجة توأم روح يشاركك تفاصيل يومك، يستمع إلى شكواك التي لاتنفذ، وأحلامك التي تتأخر، ثم انتصاراتك المتواضعة التي لامعنى لها إلا برؤية الفرحة والفخر بك في عينيه.

وأنت لديك شخصاََ تبتسم لتذكره الآن، لماذا أنت؟


5- الزواج الصالح:

ملايين الحالات ما بين طلاق وانفصال ومشاكل زوجية مٌخيفة وعلاقات حدّية جافة، وأنت لديك وليف الروح والعين والقلب، وضحكته سحر على رأي الست أم كلثوم. وبالمناسبة، ليس كل حالة فشل في الزواج هو تقصير من الطرفين معاََ، في أغلب الحالات سبب الفشل هو إحدي الطرفين، أما الطرف الآخر فهو ضحية لعلاقة مؤذية لا يستطع التخلّص منها ولا الاستمرار فيها، فأصبح كالأحياء الأموات.

وأنت لديك شريك الحياة الذي يٌنير حياتك، لماذا أنت؟


6- الذرية صالحة:

ملايين الآباء والأمهات اجتهدوا في تربية أطفالهم، اجتهدوا في زرع الثمار وما حصدوا الثمار أبداََ. هناك ملايين من الأباء المُكافحين ما طلبو من الدنيا إلا أن يرزقهم الله في الثمرة التي زرعوها، ولكن ماتت الزهرة في عز شبابها في حماية وطن أو طيش شباب. وهناك ملايين من الأمهات اللاتي أشعلن صوابعهن العشرين شمعاََ،  وماوجدوا إلا هروب أبنائهم إلى حضن الغربة أو حضن امرأة، أيهما أقرب!

وأنت تجلس الآن مع أبنائك تحت سقف واحد، لماذا أنت؟


7- بيت مِلك:

ملايين من البشر وِلدوا في دول تستغيث الحكومات من أجل فُتات الطعام وإصلاح البنية التحتية المُنعدمة في مجتمعاتهم الصغيرة. ملايين أخرى تحيا في عشوائيات وتترحل سنوياََ بحكم الطرد، وملايين أخرى في أحياء شعبية مازالت تدفع حق الإيجار القديم، وملايين أكثر تعيش في في مساحات صغيرة بإيجار حديث. 

لم يختار أحداََ من هؤلاء ظروفه الاقتصادية والاجتماعية، لقد جاءوا إلى الدنيا رغماََ عنهم، ويكدّون فيها غصباََ عن أنفهم؛ أملاََ في امتلاك مساحة أرض لها أربع حيطان وسقف ليعتبروها وطن صغير يحتموا به من غدر تقلبات الحياة.

 وأنت لديك بيت مِلك باسم أبويك أو مِلكك الخاص، وربما تكون من سعيدين الحظ الذين يمتلكونه مفروشاََ بالعفش وقليل الأجهزة الكهربائية لراحتك النفسية والجسدية، لماذا أنت؟


خُلاصة القول ياعزيزي،

ربما نسيت النِعم التي تغمرك في الحياة، واعتبرتها الأساسيات التي هي أبسط حقوقك في الحياة. ولكنك تناسيت من يحلمون بأبسط ما لديك رغم أنك تعلم أنهم ليسوا كائنات فضائية تعيش على كوكب آخر، أن تمر بجوارهم كل يوم في الشوارع من حولك! وترى صورهم في الأخبار وتتحسر عليهم، تم تنسى وكأن شيئاََ لم يكن! 

لاتسأل الله عن سبب عدم العدل في الحياة، بل أشكره على كل النعم التي لاتستحقها. 

لكل مِنا نصيبه في الحياة، ولنقل 24 قيراطاََ. ربما يكون نصيبك الأكبر في الصحة، وغيرك في المال، وغيركما في راحة البال، المهم إنك حاصل على ال 24 قيراط كاملين، ولا تشكر!

أتعلم لماذا لم يقرب لك الله مثل أيوب؟

لأنه يعلم أنك ستفشل باجتياح.

فاحمد الله على نعمة رصيدك من الستر، لأنه إذا نفذ ستدرك وقتها نِعمة ما كنت تمتلكه، ولكن متأخراََ جداََ! 

ونصيحتي الأخيرة لك من أجل صحة نفسية أفضل، قبل أن تطلب العدل في الحياة، تذكر دائماََ أن تسعى أولاََ. 

0 تعليقات