5 خطوات لتغيير المعتقدات المقيدة لذاتك | غير أفكارك تتغير حياتك

تغيير-الذات-تطوير-الذات-تغيير-التفكير-حياة-أفضل



نحن نعيش في عالم لا حدود له، محدود فقط في أفكارنا ومعتقداتنا. فكما يمكن للأفكار والمعتقدات أن تبني، يمكنها أيضًا أن تكون هادمة بتشكيلها عائق في طريق تحقيق أي نجاح. فالأفكار العقيمة التي تمنعك من الوصول إلي حيث تريد هي أفكار مقيدة لذاتك، وحان وقت تغييرها واستبدالها بأفكار تسمح لذاتك أن تنطلق.  

تكمن صعوبة المعتقدات المقيدة للذات في أنها دائمًا ما تكون مصحوبة بأدلة داعمة تجعلك تؤمن بها أكثر ولا تريد تغييرها، فعلى سبيل المثال: لو أنك تعتقد أنك سىء في الرياضيات، فلا بد أن هناك عدة أسباب وراء هذه الفكرة:

 أولًا، يمكن أن تكون جينات موروثة في عائلتك (كما سمعت من أحد أفراد العائلة). يزرع ذلك البذرة الأولى للمعتقد. 

ثانيًا، قمت بحل مسألة خطأ في الصف الخامس أمام طلاب الصف وكان ذلك محرجًا جدًا، فقام هذا الموقف بتعزيز فكرتك عن نفسك وترسيخ المعتقد الذي ينص على (أنا فاشل في الرياضيات) في عقلك الباطن، لقد تأكد لك ما سمعته عن الجينات المكتسبة من عائلتك بشكل كامل. 

ثالثًا، رسبت في اختبارين متتاليين، هنا ثبتت الفكرة وأصبحت فكرة أساسية تمنعك من المحاولة مع مادة الرياضيات نهائيًا.لقد تحولت فكرة أنك سىء بالفطرة في الرياضيات إلى معتقد راسخ يعيقك. نظرًا لأنك تتوقع أداءً سيئًا، فستكون أكثر توترًا عند إجراء أي اختبار في الرياضيات، وستقل إحتمالية أن تحاول بجدية لأنك ببساطة مؤمن بأنك غير قادر. عندما نتمسك بمعتقدات محدودة ومقيدة، فإنها تمنعنا من تحقيق إمكاناتنا ولكن الخبر السار أن حتى المعتقدات الأكثر قوة يمكن التراجع عنها بالتشكيك في الأدلة التي نستخدمها لدعم هذه المعتقدات والعثور على معتقد إيجابي جديد نستبدل به المعتقد القديم.

تمتلك هذه المعتقدات الراسخة نفوذًا كبيرًا على شعور تقديرك لذاتك واحترامك لها، وتؤثر على الصورة الأساسية التي ترى عن طريقها كيف يعاملك الأخرون. فعندما تخبر نفسك دائمًا بأنك "لست جيد" بما فيه الكفاية، فسوف يتوجه كل تركيزك إلي إثبات صحة ذلك وإهمال الإيجابيات الأخرى. وبذلك تشعر بالسوء حقًا ويزداد الشعور أكثر فأكثر. من هنا يزداد شعورك باليأس وغياب الحافز في تغيير هذا المعتقد، فتقوم بالمجهود الأكبر في تثبيته حتى تتلاشى الإحباط الناتج عن محاولة تغيير المعتقد.

وتتمثل هذه المعتقدات فيما تقوله لنفسك بين الحين والاخر :

- أنا لا أستطيع تأدية أي عمل على نحو صحيح / الاعتقاد الداعم (أنا سيء)
- أنا لا يقدرني أحد أبدًا / الاعتقاد الداعم (أنا لست محبوبًا)
- يستغلني الناس ويحاولون ايذائي إذا ما سنحت لهم الفرصة/ الاعتقاد الداعم (الناس غير جديرين بالثقة)

- يجب علي حماية نفسي بشكل أكبر / الاعتقاد الداعم: (ان العالم مكان خطير جدًا وغير آمن)

قد تبدو فكرة تغيير المعتقدات فكرة شاقة ومليئة بالتحديات، ولكن يجب أن تعلم أنها قابلة للتطبيق ويمكن أن تكون خضعت لهذه العملية عدة مرات في حياتك ولكن بدون أن تشعر. فالخروج من المعتقدات الطفولية التي طورناها خلال مرحلة طفولتنا والمراهقة (كالعفريت وأمنا الغولة وسانتا كلوز)، ما هي إلا عملية نمو شخصي ونضج طبيعية لا بد أن تحدث. هناك معتقدات يشفى الفرد منها تمامًا عندما ينضج، ولكن هناك معتقدات يتبناها الفرد على طول الطريق ولا يريد أن يشفى منها لسبب أو عدة أسباب، هذه هي المعتقدات المقيدة للذات.


صمم عالم النفس روبرت ديلتسRobert Dilts دورة تسمى "دورة تغيير المعتقدات" وهي طريقة تساعد الناس في تغيير معتقداتهم الهدامة المقيدة للذات. وفيما يلي بعض الخطوات للبدء في تحديد وتغيير المعتقد المقيد لذاتك.

 الخطوة الأولى: حدد المعتقد الذي تريد تغييره

ومن حسن الحظ أن هناك طريقتان لتحديد المعتقد المقيد للذات: طريقة خارجية وطريقة داخلية

الطريقة الخارجية: هي مجرد إلقاء نظرة عامة على أفعالك ونتائج هذه الأفعال بشكل يومي. في بعض الأحيان يمكنك الحصول على قراءة جيدة للمعتقدات التي تعيقك والتي تؤمن بها بشكل كبير عن طريق مراقبة تصرفاتك وتعاملاتك اليومية بكل صدق.

الطريقة الداخلية: هي في الأساس الانتباه إلى أفكارك ومعرفة الأفكار التي تميل دائمًا إلى الإنجذاب إليها. ولعل الاحتفاظ بأجندة خاصة للتأمل الذاتي من أحد الأدوات الفعالة التي تساعدك على إدراك أنماط التفكير المتكررة لديك.

إن الخطوة الأولى تتلخص في أن تتعلم  أن تكون مدرك لأفكارك. حالما تدرك أن لديك أفكار تلقائية، استجابة لمعتقدات راسخة (مقيدة لذاتك)، تستطيع البدء في التعامل مع المواقف بطريقة أكثر نضجًا مما سيؤدي بدوره إلى التعرف على المعتقدات المضطربة أوالتشوهات المعرفية التي تمتلكها حيال نفسك أو الاخرين. ولعلك عزيزي القارىء تريد معرفة بعض هذه الأفكارالخاطئة والتي تسمى بالتشوهات المعرفية في علم النفس، ولكن سوف نسرد لها مساحة خاصة لمناقشتها باستفاضة في مقال أخر.

إن المعتقدات المقيدة للذات هي معتقدات شخصية وغير موضوعية مما يعني أنه ليس من السهل اختبارها أو إثباتها، ولكن نستطيع اختبار القواعد التي تنتج عنها. إذ ما تتجلى هذه المعتقدات على نحو شبه دائم في قواعد نعيش وفقها. ومعظم هذه القواعد  هي للحماية الذاتية، أي أننا نضع هذه القواعد لتساعدنا على تجنب الألم والمشكلات فتقوم بترسيخ المعتقد بدون أن نشعر. فعلى سبيل المثال: لنقل أنك تعتقد انك (فاشل) فقد تتضمن قواعدك ما يلي:

- أنك لا تبذل جهدًا في أي شيء 
- لا تحاول بجد في أي شيء
- لا تطرح الأسئلة أو تتحدى أراء الأخرين (حتى ولو كانت غير صحيحة)
- لا تحاول أن تترك عملك الحالي أبدًا، مهما عانيت به
- لم تجرب رياضة معينة أبدًا
- لم تتوقع أبدًا أن تتقدم وتتطور في حياتك

إن خرق أحد هذه القواعد يؤدي إلى (كارثة) بالنسبة لك، فحتى إن راودتك نفسك بتغيير أحد هذه القواعد فسرعان ما تعود لتقل لنفسك (ماذا إذا حاولت بجد هذه المرة وفشلت؟) فلن يكن لي هذه المرة مهرب من تهمة الفشل ومن مواجهة مباشرة مع الاعتقاد السلبي الرئيسي (أنا فاشل). لذلك فإن قواعدك السابقة ستؤمن لك الحماية من اعتقادك بأنك (فاشل) عن طريق دفعك لتجنب المواقف التي من المحتمل أن تفشل بها. في المقابل، إذا تذكرت جميع المرات التي عملت بجد فيها، ونجحت بها وأبليت بلاءً حسنًا، فسوف تقنع نفسك بمعتقد جديد وهو (أنك جيد بما فيه الكفاية).


 الخطوة الثانية: حدد معتقدًا بديلًا أكثر قوة

إذا كنت تواجه صعوبة في إيجاد معتقد جديد أكثر قوة، فاسأل نفسك: "ماذا لو كنت أعتقد العكس تمامًا؟". ولكن تذكر أنك تبحث عن معتقد يمكن تصديقه فلا تبالغ بشكل خرافي في تحديد المعتقد الجديد، بل يمكنك اختيار نسخة مُعدلة من المعتقد القديم اذا كان الاعتقاد المعاكس غير منطقي تمامًا ولن تجد له أدلة داعمة بشكل كافي. فعلى سبيل المثال: لا يمكنك استبدال معتقد انك (فاشل) بأنك (ناجح باستمرار ولا تفشل أبدًا) ولكن يمكنك استبداله بأنك (شخص تقوم بأعمال كثيرة ناجحة مع بعض الإخفاقات الطبيعية التي يمكن التعامل معها)


 الخطوة الثالثة: فك "الصمغ العاطفي" الذي يحيط معتقدك القديم

أحيانًا ما يكون الارتباط العاطفي بالمعتقد القديم هو السبب وراء هذا التمسك. فلا بد أن تكون صريحًا مع نفسك وتسأل نفسك ما الفوائد التي تعود عليك من التمسك بهذا المعتقد؟ وهل الفوائد تفوق تكاليف الحفاظ على هذا المعتقد؟ هل تستحق المكاسب العاطفية كل هذا العناء الذي تتكبده في سبيل الحفاظ على هذا المعتقد؟ إذا كانت إجابتك نعم، فمع الأسف أنت شديد التعلق بهذا المعتقد ولن تستطيع فك الصمغ المحيط به لتنتقل إلى الخطوة الرابعة فعليك بذل القليل من الجهد في الخطوات السابقة. ولكن إذا كانت إجابتك بنعم، فهنيئًا لك انتقالك إلى الخطوة الرابعة بنجاح.


 الخطوة الرابعة: اخلق شك في المعتقد القديم عن طريق إعادة صياغة أدلتك

حاول أن تُدخل الشك في قلبك من ناحية هذا المعتقد وقم بتفنيده. اصنع به ثقوبًا حتى ترى الضعف فيه لتقنع نفسك بعدم نفعه. تذكر مواقف في حياتك وحياة الأخرين حيث كان هذا المعتقد غير صحيح. سيساعدك في ذلك استدعاء المواقف التي تثبت عدم صحة هذا المعتقد، فعلى سبيل المثال إذا كنت تعتقد أنك (غير محبوب) فيمكنك تذكر كم مرة عبر لك الأخرون عن حبهم لك. كم مرة شعرت فيها بحب الناس المقربون، حتى وإن كان العدد قليل جدًا ولكن ستظل فكرة تدعم المعتقد الجديد وهو أنك (من الممكن أن تكون شخص محبوب لدى بعض الناس). 


 الخطوة الخامسة: ابحث عن دليل يدعم معتقدك الجديد 

ابحث عن مواقف يكون فيها الاعتقاد الجديد صحيح. حاول أن تبسط أسباب نجاح هذا المعتقد. تصرف كما لو أن هذا المعتقد صحيح وتخيل ما سيكون الأمر عليه. في النهاية سيندمج معتقدك الجديد في نظام معتقداتك ويترسخ بداخلك بدل المعتقد القديم.

إن دورة تغيير المعتقدات هي أداة بسيطة تعمل على تحسين حياتنا وحياة الاخرين، ولكن ليس هناك دليل على مدى السرعة التي ستجد نفسك فيها تتأقلم وتندمج مع معتقداتك الجديدة. قد يستغرق الأمر وقتًا طويلًا مع أشخاص، بينما يحدث بين عشية وضحاها مع أشخاص أخرين. يعتمد الأمر فقط على مدى عمق المعتقد الجديد وعمق الأدلة التي تدعمه، كما أنه كلما كان المعتقد القديم متأصلًا في جذورك فقد تضطر إلى تمهيد نفسك ونظام معتقداتك أولًا.

 هذا لا يعني أن الأفكار القديمة المقيدة لن تظهر في الأفق مرة أخرى في بعض الأحيان ولكن قد تحتاج إلى تذكير نفسك بهذا الاعتقاد الجديد عدة مرات أو حتى تكراره أمام نفسك عدة مرات بانتظام ومن خلال هذا التكرار ستتمكن من إبعاد هذا المعتقد المقيد للأبد. وما نستطيع تقديمه لك هو مساعدتك في الخطوة الأولى لإيجاد المعتقد الذي يقيد ذاتك ويعيق نجاحك.

 إليك بعض الأسئلة التي تساعدك في اكتشاف المعتقدات المقيدة لذاتك:

  1. ماهي المشكلة أو الشىء الذي أعاقك لفترة طويلة من الزمن؟
  2. ما الذي يمنعك من الحصول على ما تريد؟
  3. لدي مشكلة بسبب......؟
  4. وهذا يعني.......؟ 
  5. ما المعتقد الذي تعتنقه ويجعل هذا المشكلة تتفاقم؟
  6. ما الذي تعتقده عن نفسك مما يزيد هذه المشكلة؟
  7. ما الاعتقاد الذي تمتلكه تجاه العالم الخارجي والذي من شأنه أن يزيد المشكلة؟
  8. متى تحديدًا صٌنفت مشكلتك على أنها مشكلة حقيقية؟
  9. في أي مرحلة من حياتك تم ترسيخ هذا المعتقد بداخلك؟
  10. ماذا تعني هذه المشكلة بالنسبة لك؟
  11. ماذا ستكون شكل الحياة لو أنك تخصلت من هذه المشكلة؟


لقد تمكنت الأن من تحديد المعتقد المقيد لذاتك، كل ما عليك فعله هو أن تبدأ في دورة تغيير هذا المعتقد بكل جديه ولا تتهاون ولا تتراجع في عملية التغيير. سوف تلاحظ الفرق الكبير في حياتك وتقدمك ونموك الشخصي عندما تقوم بتغيير هذه المعتقدات المقيدة لذاتك كما يسعدنا مشاركتك هذا الكتاب العظيم The feeling Good والذي يكشف فيه الدكتور ديفيد برنز David D. Burns عن تقنيات جديدة تساعدك في التعامل مع مجموعة كاملة من المشكلات اليومية، لتشعر دائمًا أنك بخير وقادر على مواجهة صعوبات الحياة. كما أني أرشح لك مشاهدة هذا المقطع الملهم لمساعدتك في مهمة التغيير.

 

0 تعليقات