يمكنك كتابة مقالة احترافية يقع في غرامها أي قارئ، ولكن لن تهز مشاعر محرك بحث جوجل لظهور مقالتك حتى من ضمن أول 3 صفحات نتائج البحث. فما بالك بالسعي لجعل مقالتك تتصدر النتائج وتظهر على الصفحة الأولى لجوجل؟
سأجعلك تتخيّل أهمية الصفحة الأولى على جوجل باقتباس من جريدة هافينجتون بوست HuffPost يشرح لك القصة في سطر صغير:
.The best place to hide a dead body is page two of Google
أفضل مكان لتخبئة جثة هو الصفحة الثانية على جوجل.
تخيل أن مقالتك ميتة حتى إذا كان لها النصيب أن تظهر أصلاََ على الصفحة الثانية من جوجل! وهذا مبني على دراسات من كبار المحللين في التسويق بالمحتوى، وقد أيّد الخبراء على موقع سيرش إنجن جورنال SEJ أن النتائج ال 3 الأولى على محركات بحث جوجل تحصل نصيب الأسد من الزيارات بمعدل يتجاوز ال60% من إجمالي نتائج البحث!
وفي هذه المقالة سأشرح لك باختصار أهم 7 عوامل لتزيد احتمالية ظهور مقالتك على الصفحة الأولى لجوجل.
السر الأول: الكلمات المفتاحية المتوافقة مع السيو:
فلنفترض أنك تريد كتابة مقالة عن الخطوات اللازمة للنجاح في الحياة. مهما كانت مقالتك احترافية وجذابة عن النجاح، فعليك أن تحارب من أجل أن تتصدر نتائج البحث على جوجل. تسأل عن كلمة السر؟ ستظل دائماََ وأبداََ هي "السيو" SEO.
ولن أشرح لك معنى كلمة السيو وأصلها وفصلها في مجلدات لكي لا أطيل عليك موضوع المقالة بلاداعي. سأقول في جملة واحدة أن السيو هي كلمات مفتاحية ذات صلة بموضوع مقالتك، والتي من خلالها تفهم محركات بحث جوجل محتوى مقالتك، وتضعه ضمن نتائجها عندما يبحث أحدهم عن كلماتك.
بمعنى لو كتبت مقالة احترافية عن النجاح، وحصلت على لقب أفضل مقالة عربية في الوطن العربي لإلهام الساعيين إلى النجاح، وتوافرات بها كل الشروط من عناوين جذابة ومحتوى أصلي غير منشور من قبل، وتجاوزت ال 2000 كلمة من امتاع القارئ بخبرتك، ونسيت أن "تحشي" المقالة بالكلمات المفتاحية المناسبة عن النجاح واقتباسات من الشخصيات الناجحة عن الطريق إلى النجاح، فمحركات بحث جوجل سترسل لك إشعار هام:
ابقى قابلني لو مقالتك شافت النور!
لماذا؟
اسأل روحك على رأي الست أم كلثوم. هذه ليست مزحة، بالحق الإجابة هي اسأل نفسك كيف تبحث عن النجاح؟ تذهب إلى محرك البحث في جوجل وتكتب مثلاََ وليس حصراََ ..
- دروس مستفادة من الشخصيات الناجحة؟
- كيف أكون شخص ناجح؟
- أهم الكتب عن النجاح؟
- أفضل المقالات عن النجاح مع دروس ملهمة من الناجحين؟
- أهم النصائح عن النجاح في الحياة؟
- نصائح عن تطوير المهارات لأجل النجاح في الحياة؟
- كيف أطور مهاراتي وأصبح شخص قيادي ناجح؟
بمجرد الضغط للبحث على جوجل، ستظهر لك ملايين النتائح عن النجاح، فكيف تفهم محركات البحث ما هو الأفضل لك لترشيحه في أول 3 نتائج على الصفحة الأولى في جوجل؟
تختار الكلمة المفتاحية التي بحثت أنت عنها ولنفترض " عن النجاح"، وتعطي الأولوية للمقالات التي تحتوى بكثرة على كلمات النجاح ومشتقاته!
لن تقتصر فقط بالطبع على "عن النجاح"، بل ستبحث عن "النجاح"، "نجاح"، "ناجح"، "شخصيات ناجحة"، "قيادي ناجح"، "نصائح عن النجاح"، "الناجحة"، "مشاريع ناجحة"، "الطريق إلى النجاح".. إلخ
لذلك عندما تكتب مقالاََ رائعاََ عن النجاح، عليك أولاََ تحديد باقة من الكلمات التي سترتكز عليها، وتجيب مباشرة على أسئلة الباحث في جوجل. ويجب أن تضع نفسك مكانه، واسأل إذا كنت أنا المهتم بالنجاح وكيف أكون شخص ناجح في الحياة، ماذا سأكتب في محركات بحث جوجل؟
اكتب قائمة لاتقل عن 50 كلمة مفتاحية متنوعة عن النجاح وأعمل على توزيعها في المقال بشكل لايزعج القارئ. ولكن احذر! لا تتذاكى على محركات البحث فتنسى المقالة ومحتواها ويكون كل همّك هو كيف تكرر الكلمات المفاتحية عن النجاح بدون أي إضافة للموضوع؟
هذا لن ينفّر منك القارئ وحسب، بل حتى محركات بحث جوجل ستعتبرك تستخدم تقنية سيو القبعة السوداء Balck Hat Seo، وهي الإفراط في استخدام الكلمات المفتاحية في المقالة والصور المرفقة فقط من أجل خداع محركات البحث لترشيح مقالتك في النتائج الأولى عن النجاح.
السر الثاني: مقدمة موضوع تشويقية مع التركيز على السيو:
الاستهلالة الأولى لجذب القارئ إلى موضوعك مع تحديد سطر واضح فيما ستناقش المقالة من قبل البدأ فيها. اقرأ هذه المقدمة عن موضوع النجاح في الحياة، وكيف ابتدت الاستهلالة بالتركيز على السيو بذكر كلمات النجاح، ثم كسرنا الموضوع بسؤال فكاهي حتى لايمّل القارئ من ترديد كلمة النجاح بدون أي استفادة.
وقت القارئ ثمين، ومهتمك صعبة جداََ في حرب تصدر مقالتك للنتائج الأولى في بحث جوجل بالموازنة بين الكلمات المفتاحية، وأسلوبك الحر البديع في السرد والحكي.
أول 5 سطور في مقالتك عن النجاح لابد أن تحتوي كلمات النجاح ومشتقاته، مع عدم الإفراط في الاستخدام حتى تتجنب نفور القارئ من حشوك اللامبرر للكلمة المفتاحية التي ترددها كالبغبغاء بلا أي نصيحة مؤثرة عن النجاح.
السر الثالث: عناصر الموضوع في هيئة عناوين فرعية:
قبل البدأ في موضوع مقالتك، هل يمكنك تلخيصها في عدة نقاط؟ أعتقد أنك ستجاوب نعم بكل تأكيد. ولكن هل يمكنك تلخيص كل نقطة في حدود 7 كلمات؟
هذه هي المهارة التي ترغّب القارئ في متابعة مقالتك التي قرأ مثلها عشرات المقالات، وفي الأغلب مقالتك مكررة ومقتبسة تماماََ مما قاله الرواد المنتشرة اقتباساتهم ودروسهم في كل مكان. ومع كل هذا، يتحامل القارئ على نفسه؛ أملاََ في أن يجد سطراََ واحداََ جديداََ لم يقرأه من قبل بطريقتك المميزة في طرح الموضوع.
لذلك لابد أن يكون لفقرتك عنوان ليخمّن القارئ أولاََ عما ستتكلم عنه، وهذا حماية لك حتى لاتخسره للأبد!
فإذا كتبت مقالة عن الحب والعلاقات العاطفية، فهو يعلم تقريباََ بنسبة 90% عن مقالتك قبل قراءتها. سيتصفح فقط عناوين الفقرات ويرى كلاماََ مكرراََ يسمعه يومياََ على السوشيال ميديا ومحطات التلفاز والمواصلات العامة! لذلك سيتخطى كل الفقرات التي يستطيع التخمين عن محتواها، وسيتوقف فقط عما لديك من جديد.
فمثلاََ مقالة عن السعادة وعلاقتها بشريك الحياة تبدو مكررة، لكن حين تطرح المقالة في عدة عناوين منها مثلاََ:
سر السعادة في بطن صاحبها، وأغنية القرن ال 20 عن معنى السعادة، لابد أن يتوقّف القارئ ليلقي نظرة على بضاعتك!
السر الرابع: تقسيم المقالة إلى مقاطع صغيرة:
صورة من malicheva.tv
مزعج جداََ أن تتكلم بلاهدف من أجل الكلام فقط! في فن الطبخ هناك جملة شهيرة يحفظها عن ظهر قلب كل طاهي ناجح:
العين تأكل قبل الفم
اجعل هذه الحِكمة أيضاً هي الأساس في بنية مقالتك الاحترافية، وخاصة عند موضوع عام لايحتاج لشهادات علمية لتتكلم عنه.
في موضوع تربية الأطفال مثلاََ، كتبت عن حدود ضرب الطفل وتعنيفه، وتجاوزت المقالة ال 1500 كلمة، وكان شاغلي الرئيسي كيف يصل الموضوع للقارئ بدون ملل، وبطريقة منظمة لعرض كل الأفكار حول موضوع ضرب الطفل بأقل عدد من الكلمات وأكثرها تأثيراََ.
ستلاحظ في تلك المقالة، كيف تم تجميع آراء عشراء الخبراء في موضوع تربية الأطفال الناجحة، وكل خبير له قطعة مخصصة، وكل مجموعة من الآراء لها موضوع رئيسي حتى لا نجعل القارئ يتوه بين الآراء الكثيرة والمتضاربة بدون هدف.
السر الخامس: المقاطع تويتات وليست معلّقات:
صورة للمعلّقات من wikipedia.org
راجع هذه المقالة التي تقرأها الآن، لا توجد فقرة واحدة تزيد عن 5 جُمل. لماذا؟
لأن القارئ يريد أن يتحسّس مدة القراءة من عدد فقراتك وكأنها لعبة، كلما تجاوز فقرة احتسب النقطة من أصل مجموع نهائي محدد. فإذا كانت الفقرة مملة وتجاوزت ال 5 أسطر ولم يخرج بجملتين ليتلذذ بمصطلحاتك ويقتبس من كلماتك، فبالطبع سيعلم أن هذا الملل سيرافقه حتى آخر نقطة في مقالتك!
إذا كانت بداية القصيدة كُفر، فلابد أن يهرب منك لأنه مؤمن بمئات الكُتّاب الآخرين، ولست من ضمنهم يا مُمل!
قل ما شئت، ولكن اعتبر مقالاتك عبارة عن تويتات صغيرة مقسّمة بحرفية، لا معلّقات من الأدب الجاهلي.
السر السادس: المقالة لا تقل عن 1000 كلمة:
تفضل محركات بحث جوجل المقالات الطويلة التي لاتقل عن 800 كلمة. وكلما زادت جودتها، زاد ترشيح مقالتك للنتائج الأولى في جوجل. و هنا المعضلة الكبرى، كيف أكون وجيزاََ في الموضوع، وأتجاوز ال 1000 كلمة؟
هذه هي لعبة شيطان الكتابة الكامن تحت أناملك!
أعجبك هذا التشبيه؟ هذا تماماََ ما ستحاول أن تتقنه في مقالتك. أن تأتي بمفردات وتشبيها وأمثلة جديدة تجعل القارئ يتابع حتى لو يعلم المغزى من الموضوع، فهو متيّم بأسلوبك الشيّق المنظّم.
السر السابع: الروابط الداخلية والخارجية:
تركت لك موضوع الروابط لآخر نقطة ليس تقليلاََ لأثرها، ولكن من أساسيات علم النفس في التحدث للجماهير، أننا نتذكر أول وآخر نقطة في الأحاديث الطويلة باهتمام، أما بقية النقاط يتباين تأثيرها على حسب قدرات الذاكرة المختلفة لدى الأفراد.
هل رأيت ماذا فعلت الآن؟ عندما أردت أن أخبرك بحقيقة نفسية، أشرت إلى رابط خارجي لمصدر المعلومة، والأهم أن الرابط له علاقة بالموضوع ويستدعي ذكر المصدر، وليس فقط من أجل الإشارة لأي مصادر خارجية بدون هدف!
أما الروابط الداخلية، فهي الإشارات التي أعطيتها لك بالأعلى لتوضيح كل نقطة بمثال من أحد المقالات المنشورة على موقع فاتح شهية للحياة.
وكلما كانت المقالة مكتوبة بحرفية ومدعمة بروابط داخلية وخارجية، كلما فضّل محرك بحث جوجل ترشيح مقالتك في نتائج البحث الأولى.
وربما يجعلك شيطان الكتابة تظن أنك تكتب رأي خالص لايحتاج إلى أي مصادر لأنه تجربة شخصية. ولكن عليك برجم هذا الشيطان الرجيم، وسِل نفسك: ما هو مصدر أفكاري؟
أعتقد أن قراءة الكتب، والمقالات أونلاين، ومشاهدة الأفلام سيكون لهم نصيب الأسد من تشكيل وعيك الثقافي. فلاتبخل يا عزيزي الكاتب بذكر مصدر المعلومة ورابطها مباشرة في الموضع الذي يتعلق بها.
وفي رأيي الخاص، المقالة بدون روابط خارجية هي استخفاف بعقل القارئ، وكأنك تقول له أن مصدر معلوماتك كان اقتباسات من حِكم عظيمة قرأتها على ضهر توكتوك!
صورة من twitter.com
ولاتترك المصادر بعد اسمك في نهاية المقالة، هذا ليس برنامج الدحيح! يمكنك استخدام هذه الطريقة فقط المحتوى المرئي، أما عندما نخاطب قارئ، فلا تجعله يقفز لنهاية مقالتك سعياََ للمصدر،ثم يعود مرة أخرى ليكمل القراءة من حيث توقف.
بلاش شحططة وفرهده.
الخلاصة في كتابة مقالة تتصدر نتائج البحث في جوجل:
الصفحة البيضاء مخيفة في البداية، وإذا عزمت الكتابة بناء على هذه القواعد ال 7 دفعة واحدة، فربما لن تكتب حرفاََ حتى تكون لديك الطاقة التي لن تأتي أبداََ!
ولفتح شهيتك للكتابة، أقترح عليك أن تلتزم بالترتيب الآتي:
- ابدأ بكتابة عناصر الموضوع الذي أنت بصدد مناقشته في هيئة نقاط مختصرة.
- اتبع أسلوب الكتابة الحرة أسفل كل عنصر في هيئة مقاطع صغيرة بدون أي تحرير أو تنقيح لكلماتك.
- البحث عن أفضل 50 كلمة مفتاحية تناسب محتواك وتقوم بتوزيعها في المقالة بشكل احترافي.
- التأكد أن مقالتك تحتوي على لينك داخلي وخارجي واحد على الأقل.
- أخيراََ قم بتصحيح جميع الأخطاء الإملائية والاستخدام الخاطئ لعلامات الترقيم مع إضافة جمل انتقالية بين فكرة وأخرى بسلاسة.
وطلب أخير، حين تشرع الكتابة عن موضوع ما، لاتعتبر أن هذه مقالة ضمن عدة مقالات ستقوم بنشرها. اعتبر أن هذه هي مقالتك الأخيرة في الكتابة، وسِل نفسك:
إذا كانت هذه آخر مقالة سأكتبها في حياتي، كيف أريد العالم أن يتذكرني بها؟
إذا وضعت هذا السؤال نصب عينيك عند الكتابة، لن تحترف الكتابة لمقالة تتوافق مع السيو وتتصدر نتائج جوجل الأولى وحسب، بل ستختبر مكافأة قانون الكارما في حياتك على إلهام الآلاف بكلماتك.
__
Google Doodle Credit: Sophie Araque-Liu
0 تعليقات