كيف أحول الشغف إلى قصة نجاح؟ حوار مع الشاعر محمود موسى

شعر-نجاح-شغف-قصة-محمود-موسى

في عالم مليء بالفرص والتحديات، ومع كثرة احتياج الناس إلى تحديد أهدافهم والحيرة المرتبطة بإيجاد الشغف والسعي وراءه، أصبح السعي وراء الشغف مخاطرة تسبب التعاسة لكثير من الشباب في عصرنا الحالي. يقف الشاب حائرًا بين أن يقوم بالسعي وراء الشغف والذي ربما يخلق بعض الفوضى والانفلات في حياته، أو يتبع الشغف الذي يقوده إلى طريق النجاح وتحقيق الأهداف.

"إذا كان الشغف هو شيئًا كاملًا وجاهزًا، وكل وظيفتك هو أن تجوب العالم بحثا عنه، فتلك هي فكرة مجنونة"

 (جورج والتون) 

ومن المؤكد أنه لا يجب علينا اتباع الشغف بدون قيود أو على حساب التزاماتنا المهنية والعائلية والشخصية، ولكن يمكننا التخطيط الجيد واستخدام الشغف كمحفز لاكتساب المزيد من المهارات والأدوات المطلوبة في رحلة النجاح. ولكن كيف نستثمر الشغف في تحقيق أهدافنا والوصول للنجاح؟

يتحقق الشغف عندما يكون أولويتنا، عندما نركز عليه ونبتعد عن مصادر اللهو والتشتت في الحياة. ومن هذه النقطة انطلقنا للبحث عن شخصية مؤثرة وناجحة قد تكون بمثابة مصباح ينير الطريق لكل شغوف يريد النجاح، ولكل شخص يعاني من تيار الشغف المتعدد الذي يلاحقه والذي أصبح آفة عصرنا الحديث. شخصية اليوم هو شاعر، كاتب، ممثل، مغنٍّ، مدقق لغوي، مذيع، معلق صوتي ويمكننا أن نعدد لآخر المقال مواهب ومهارات هذه الشخصية.

شخصيتنا اليوم هي شخصية ناجحة بمقاييس العصر، هو شخص اتبع شغفه حتى صار هذا الشغف حقيقة على أرض الواقع وتترجم لنجاح مستمر. هو الشاعر محمود موسى: صدرت له مجموعة من الدواوين منها: «بيمينكَ يا موسى» ٢٠٠٩ و «نفْسٌ مع إيقاف التنفيذ» ٢٠١٠ وديوان «الديوان» ٢٠١٦، وكتاب «كبسولات لغوية» ٢٠٢١. كما صدر له ديوان بعنوان «تعديل مقبول في كشوف الموتى» عن الهيئة العامة لقصور الثقافة ٢٠٢٠، وعمل مستشارًا للنشر ومدققًا لغويًّا بمجموعة من كبرى دور النشر في مصر . يعد لقاؤه الشهري على مسرح ساقية الصاوي بمثابة حدث هام ينتظره محبو اللغة العربية بفارغ الصبر.

هل هناك ظروف معينة يجب أن تتوافر حتى أتمكن من النجاح؟

"إن ما يسمى بكليات القمة لا يصلح لي، ولكن ربما يصلح لغيري، هذا إذا سلمنا بصحة التسمية".

ولعله يتبادر إلى الأذهان أن محمود شخص ناجح بالفطرة وأنه حصل على هذه المكانة عن طريق الحظ أو الصدفة أو التعليم المتميز منذ الطفولة، وأنه ربما توافرت له كل السبل التي ساعدته على هذا النجاح، ولكن بالنظر إلى حياة محمود ستجدها حياة عادية لشخص مثلي ومثلك، كل ما عليك هو أن تُعرف مفهوم النجاح بالنسبة إليك.

درس محمود وتعلم في المدارس الحكومية حتى التحق بكلية التجارة، جامعة عين شمس، كان يرغب والده في التحاقه بكلية الهندسة ولكن تبددت هذه الآمال بسبب المجموع كما يحدث مع كثير من الطلاب، خصوصًا عندما تدخل القسم العلمي وميولك أدبية أو العكس.

لم يرَ محمود بأسًا في ذلك ولكن على العكس كان يرى أن ما يسمى ب "كليات القمة" لم تكن له ولكنها ربما تصلح لغيره، حيث أنها لم تكن هدفًا شخصيًّا له، ولم يكن لديه شغف بواحدة منها. لم تتجلَّ طموحات محمود، والتي وجدت لاحقًا في ذلك الوقت، كان الموضوع في إطار الهواية التي لم يلحظها أحد ولا حتى محمود نفسه، لدرجة أنه لم يحاول التمرس في الغناء، وهو الهواية الوحيدة التي استمرت معه منذ الطفولة، لأنه لم يكن يتصور أن هذا الشغف سيظل يطارده للنهاية.

هل يمكن أن أنجح في تحقيق شغفي بمجال يختلف  عن دراستي؟

تقودنا هذه الفقرة من حياة محمود إلى هذا السؤال الذي يتكرر كثيرًا على مسامعنا من الشباب: هل يمكن أن أنجح في تحقيق شغفي بمجال يختلف عن مجال دراستي؟

ينتابنا جميعًا قلق وخوف بشأن الدارسة ونعلم جميعًا مدى صعوبة الدراسة في مجال غير مرغوب فيه على الإنسان، ولكن لم تقف هذه الفكرة عائقًا في طريق شاعرنا. درس محمود بكلية التجارة رغم شغفه بعدة أمور أخرى، وأهمها وأولها اللغة العربية، ولكن كانت كلية التجارة هي الخيار الوحيد الأنسب والمتاح وقتها لأسباب تتعلق بتصور سائد بخصوص التوظيف.

أحب محمود اللغة العربية لاعتقاده أن اللغة العربية هي مكون أساسي عند كل إنسان "عربي" طبيعي، فالهوية العربية والإسلامية تحتم علينا الميل والاهتمام بهذه اللغة بغض النظر عن المهنة أو التخصص. دفعته هذه الفكرة إلى استغلال شغفه وحبه واهتمامه باللغة العربية، فعمل مدققًا لغويًّا وذلك لتوفير مصدر دخل عن طريق وظيفة غير ثابتة؛ من وجهة نظر محمود أن الوظيفة الثابتة قد تقتل الموهبة، ولا بد من التفرغ للموهبة بشكل شبه كامل حتى يتمكن الفرد من العمل على هذه الموهبة.

لم تتقبل عائلة محمود في البداية هذه الطريقة في التفكير لكن عندما ظهر في الإعلام، وبخاصة في قناة النيل الثقافية عام 2006 في خيمة رمضانية، وعندما أثنى عليه الناقد (د. يسري العزب)، وصرح بأن ما يقوم به محمود هو تواصل عظيم بين الأجيال برغم أنها كانت المرة الأولى التي يلتقيان فيها. وجد والد محمود وقتها أن هذه معالم تشير إلى أنه على الطريق الصحيح واطمأنّ لرحلة محمود.

كيف أكتشف أن لدي موهبة؟ هل تظهر منذ السنوات الأولى في عمر الطفل؟ أم أنه يمكن أن تظهر موهبة على الشخص في عمر متقدم؟

"الموهبة مثل بئر البترول، يمكن اكتشافه بالصدفة، ولكن حال اكتشافه تبدأ محتويات البئر في الظهور على المساحة المحيطة بالشخص وحياته وتغير الكثير فيها".

يؤمن محمود أن كل موهبة تظهر في وقتها، ولا بد أن يقوم الشخص بعمل رابط بين كل الأشياء التي يحبها حتى يصل إلى نتائج مرضية، فلقد كان حب محمود للغة خادمًا أساسيًّا لكل المواهب التي ظهرت فيما بعد، فهذا الحب جعله يميل بشكل أكبر لسماع القصائد المغناة مما انعكس على الكتابة، الأمر الذي فتح له مجالًا للغناء عندما تيسرت السبل لذلك.

لم يكن للغناء طريق مفتوح في بداية حياته، ولكنه اكتسب بعض الخبرات في الهندسة الصوتية والتسجيل والتلحين والكتابة والإخراج في خلال رحلته. من مجالاته أيضًا التعليق الصوتي والتقديم الإذاعي، وكل هذه المجالات جاءت تأثرًا بالشعر وأدواته.

تجلت موهبة الشعر لدى محمود في الجامعة وساعده في ذلك حبه للغناء الذي دفعه لسماع كمية كبيرة من الأشعار المغناة، التي جعلت الوزن لديه مستيقظًا بشكل سماعي نابع من موهبته.

انبثقت من الشعر مواهب كثيرة جدًّا، واعتمد الشعر بشكل كبير على اللغة العربية، من وجهة نظر محمود أن على الإنسان أن يسعى بشتى الطرق، وأنه في رحلة السعي هذه حتمًا سيرى بوضوح أشياء تؤكد أنه في الطريق الصحيح وأنه يجب أن يستمر في السعي، كالذي يحفر في باطن الأرض للوصول إلى الماء.

هل الشغف شيء فطري أم يمكنني اكتسابه؟

هناك أناس يولدون بالفطرة ولديهم شغف وحب لشيء ما مصحوبًا بالمهارات والأدوات التي تمكنهم من النجاح في هذا الشىء. هؤلاء هم المحظوظون. هناك أناس أقل حظًّا وهم الذين عليهم السعي وراء شغفهم ومواهبهم لصقلها واكتساب المهارات اللازمة لجعلها شيئًا ناجحًا، فبالطبع أنا أميل إلى فكرة أنّ لدى كل إنسان فرصة لأن يصبح شغوفًا بشيء ما ويمكنه أيضًا أن يحقق النجاح في هذا الشيء بعدة طرق منها:

1- لا تنتظر أن يؤمن بك الجميع:

"في البداية كفر بي الجميع، لم يؤمن بي غير أمي وأبي وجمهور صفحة "كبسولات لغوية".
لم ينتظر محمود ترحيب الجميع بل على العكس كان يتلقى سخرية الأصدقاء من محتوى صفحة "كبسولات لغوية" بكل ثقة. لم يستسلم محمود يومًا، ولم يصادر رؤى الناس وانتقاداتهم، بل على العكس استمر في فعل ما هو مؤمن به. لم يتلق محمود الدعم المناسب إلا من جمهور الصفحة الواعي الذي التف حوله ولم ينصرف عن متابعته.

أدرك محمود أن خوارزميات مواقع التواصل الاجتماعي تعطي الأولوية للمنشورات والمحتويات التي يزيد عليها الإقبال ويضعها في الصدارة، وبالتالي تيقن محمود أن الفضل الأول والأخير للدعم الذي حصل عليه يرجع للجمهور بشكل كبير. اتبع محمود شغفه واهتم به فأجبر الجميع أن يعترفوا بوجوده ويشيدوا بجهوده. يكمن السر في إيمانك بنفسك، لا تنتظر أن يؤمن بشغفك أحد، ثق بنفسك ولو كفر بك الجميع.

2-  التركيز على الأفعال أكثر من النتائج: 

لا أذكرُ كاتبًا خاض وظيفة النشر، وصار اسمًا لامعًا في الكتابة يُستضاف في المحافل والندوات والقنوات بصفته كاتبًا. بمجرد أن يتحول الكاتب إلى موظف يصير موظفًا فقط، ليس كاتبًا موظفًا ولا موظفًا كاتبًا، لأن الكتابة تحتاج إلى تفرغ للكتابة، والوظيفة تحتاج إلى تفرغ وظيفي.

 

على الإنسان الشغوف أن يركز على ملاحقة الشغف وممارسته أكثر من التركيز على النتيجة، مثل: العائد المادي أو الشكل الاجتماعي وما إلى ذلك، فلم يلتفت محمود إلى الأمور المادية والوظيفة الثابتة في بداية مشواره، بل تخلى عن هذا "الاستقرار" النسبي مقابل التفرغ لملاحقة شغفه، فكان يرى أن الانخراط في تحقيق هذا الشغف والانشغال العميق الذي ينتج عن ذلك أكثر قيمة من المكافأة المادية.

الإنسان بيتجوز لأنه لقى الشخص المناسب في الوقت اللي ربنا قدر له فيه إنه يتجوز، وقد يتأخر لأسباب مختلفة باختلاف الشخص، منها ما هو مادي ومنها ما هو نفسي من كتر ما شاف ومنها ما هو تخطيطي، على حسب أنت مين في دول، وإن مافيش حد بيتجوز لمجرد إن الناس بتقول له اتجوز لأن الناس دي لو الجواز باختيارها كانت احتمال تقدم موعد جوازها هي خمس سنين ولا حاجة...

 

كما فضل محمود تأجيل خطوة الزواج لهذا السبب. لا يُعتبر عازفًا عن الزواج ولكن من وجهة نظره أنه قدَرٌ يأتي في حينه، وأنه يجب على كل شخص أن ينتظر الوقت المناسب، وأنه يمكن أن يتأخر الشخص لأسباب مختلفة باختلاف الشخص واختلاف الظروف، كما أن تكوين أسرة يتطلب استعدادًا نفسيًّا وفكريًّا وبذل الكثير من الوقت والجهد، فالشغوف لا يلتفت كثيرًا للنتائج بل يفكر أكثر في الأفعال التي تقوده نحو النجاح وتحقيق الشغف.

الشاعر-محمود-موسى-زواج

3- البحث المستمر من أجل المعرفة والعلم:

سأظل لآخر لحظة في حياتي أتطور وأسعى لأن أتعلم كل ما هو جديد

لا تتوقع أن يكون لك شغف وتنجح في تحقيقه وأنت لا تبحث ولا تطلع على كل ما هو جديد في مجال شغفك. عليك أن تكون باحثًا متمرسًا في مجال تخصصك.

يرى محمود أن الفرد لا بد أن يقضي حياته في البحث المستمر للمعرفة والعلم لا من أجل الدرجات العلمية والألقاب والتخصصات، ولكن يرى أن لقب "باحث" هو أفضل وأهم بشكل كبير. مارس محمود اللغة بنفس المنطلق، فهو فخور جدًّا بفكرة أنه باحث وأنه يستخدم مواهبه وملكاته لجذب الناس حتى يبحثوا بأنفسهم، لا أن يتلقوا منه، لا يهتم بكسب ثقة الآخرين عن طريق تلقينهم، ولكن كل ما يريد هو أن يحرض جمهوره على البحث.

مهمة الكاتب ليست في حمل القارىء على الثقة به، بل في حمله على التفكير معه، ما أرخص الأدب لو كان مثل السياسة طريقًا إلى اكتساب الثقة! لا، إن الأدب طريق إيقاظ الرأي، لا أريد من قارئي أن يطمئن إليّ، ولا أريد من كتابي أن يريح قارئي.. أريد أن يطوي القارىء كتابي فتبدأ متاعبه فيسد النقص الذي أحدثت. أريد من قارئي أن يكون مكملًا لي، لا مؤمنًا بي، فينهض ليبحث معي ولا يكتفي بأن يتلقى عني.
توفيق الحكيم في كتابه (يقظة الفكر)


4- مواكبة المستجدات في عالم التكنولوجيا الحديثة:

اللجوء إلى مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتيك توك أخيرًا كان سببًا مباشرًا في تحقيق الشهرة المتوسطة التي أحظى بها.

يتطور العالم بشكل سريع جدًّا مما يشكل تهديدًا واضحًا لأصحاب المهن التقليدية وأصحاب الأفكار التقليدية. هناك دائمًا مكان لكل مبدع ومتطور في العالم ويتم الترحيب به بحفاوة، لذلك لا تتوقع النجاح وتحقيق الشغف بدون مواكبة المستجدات التي تطرأ في عالم التكنولوجيا والاستجابة للمطالب المتجددة في مجالك، وهذا ما لاحظه شاعرنا محمود موسى وساعده كثيرًا في تحقيق "الشهرة المتوسطة" -كما يحب أن يسميها- التي وصل لها.


يرى محمود أن رحلة صعوده التي تخيلها لنفسه لم تكتمل بعد ولكن بداية الشهرة المتوسطة التي يحظى بها كانت بسبب وجود السوشل ميديا، وخاصة فيسبوك والذي كان له دور كبير في زيادة أعداد المتابعين الذين يحضرون ندوات محمود الشعرية على أرض الواقع. 
شعرَ محمود أن الشعر ليس هو المجال الذي يبحث عنه الناس ويمكنه فيه تحقيق ما تمنى من صناعة الجمال، والذي يجعله يتفرغ لموهبته، بل واجه نفس المشكلة التي يواجهها كل موهوب وهي أنه ينفق من ماله الخاص على موهبته مما قد يجعله يلجأ إلى البحث عن وظيفة ثابته ويتخلى عن حلمه وهذا ما رفضه محمود.
 

 من هنا جاءت فكرة إنشاء صفحة "كبسولات لغوية" عام 2010 مدفوعًا بإيمانه بأهمية كسر الحواجز وتقصير المسافة بين الجمهور والشعر عن طريق كسر الحاجز بينهم وبين اللغة. بات واضحًا بالنسبة لمحمود أن مواقع التواصل الاجتماعي لديها السلطة العليا وصاحبة الكلمة الأولى والأخيرة في شهرته وانتشاره.

مع التغير في الذوق الفني والموسيقى، واتجاه الناس إلى أغاني الراب وموسيقى المهرجانات، قام الشاعر محمود بإحياء اللغة بالفنون وإحياء الفنون باللغة، عبر مجموعة من التجارب التي تستخدم اللغة العربية في الراب والأغنيات بشكل عام من كلماته وألحانه، كما يستخدم المشاهد التمثيلية باللغة العربية ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي.

تُعد استجابة محمود موسى لمتطلبات العصر سببًا رئيسيًّا في شهرته ونجاحه، كما أسهمت بشكل كبير في إشباع شغفه وهوايته، فلا شك أن محبي الأغاني أكبر بكثير من محبي الشعر، وشعبية المطرب أكبر بكثير من شعبية الشاعر، فلا ضرر في محاولة الوصول لحل وسط بين ما تريد تقديمه وبين ما يريد أن يتلقاه المتابع وهذا يحدده ما استيقظ فيك وحركك من بين كل هذه الملكات دون افتعال أو تكلف، وقد تصحو فيك مجتمعة. 


5- التوسع في المجال والتجربة 

محمد فوزي أحد أبرز من أبطلوا نظرية (صاحب بالين كذاب)

على عكس ما يتوهم البعض فإن التركيز على موهبة واحدة وإهمال باقي المواهب لا يؤدي إلى نتائج طيبة، فربما تكتشف بعد فترة أن هذا الشغف الذي تجري وراءه غير مناسب لك، أو أنك لا تمتلك المهارات اللازمة لتحقيق هذا الشغف، ولكن من الأفضل تجربة الكثير من الأشياء ومحاولة ربطهم ببعض كما ذكرنا سابقًا حتى تصل إلى أنسب الاختيارات.

إن الإنسان الذي لديه الملكات اللازمة والأدوات المطلوبة لما يريد أن يفعل سوف يفعل ذلك بدون تشتيت وبمنتهى السهولة. ويضرب لنا الفنان "محمد فوزي" مثالًا على ذلك: كان يمثل محمد فوزي وينتج ويلحن ويغني، وهو الذي وضع حجر أساس الإنتاج الفني في الموسيقى، وصنع إمبراطورية وليس فقط مشروعًا فنيًّا. وعلى الرغم من كل ذلك كان شخصًا ناجحًا في كل المجالات التي عمل بها.

عليك بالتجربة ومحاولة الوصول للنتائج الأخيرة بالتجربة وليس عن طريق الاستنتاج. لا يمكنك أن تتنبأ بالأشياء التي تجيدها أو لا تجيدها إذا لم تُجرب؛ التجربة خير دليل.

6- خصص وقتًا لشغفك وواظب عليه 

يفرض الشغف نفسه على الإنسان عندما تكون هناك مساحة له، فالشاعر لا يكتب القصيدة ولكن القصيدة هي من تكتب الشاعر

يرى محمود أن الشاعر على سبيل المثال لا يملك قرار كتابة قصيدة في وقت محدد إلا لو حركته فكرة أو إلهام. بدون وجود شيء يحركه يصبح الشاعر مثل "الحرفي" الذي يقوم بعمل أشياء لا تصلح لأن تحرك قلوب الناس.

إن عملية تنظيم الشغف خارجة عن إرادة كل مبدع، وعلى أغلب الظن سنجد نسبة كبيرة من المبدعين عشوائيّين، ولكن ذلك لا يمنع محمود من الاعتقاد بأن الشغف يحتاج إلى مساحة في حياة الإنسان ليبرز على السطح، ويحتاج إلى وقت كي تتم ممارسته والمواظبة عليه.

إلى هنا تكون قد انتهت رحلتنا الشائقة والمليئة بالنجاح والشغف المتعدد مع الشاعر الجميل محمود موسى، ولكن لم تنته رحلته بعد، فنحن في انتظار الإبداع المتجدد والأفكار الملهمة، كما نحن في انتظارك عزيزي القارئ حتى تبدأ أولى خطواتك في تحقيق شغفك وتحويله إلى نجاح حقيقي ملموس على أرض الواقع. إلى اللقاء مع رحلة نجاح جديدة.


0 تعليقات