إدارة الوقت للأطفال | بدائل لتقليل وقت الشاشات للأطفال


 تعتبر مهارة إدارة الوقت من المهارات الهامة التي يجب على البالغ إتقانها للنجاح في الحياة المهنية خاصة وحياته بشكل عام. ولا عجب في أنها مهارة يجب تعليمها للمراهقين ما قبل سن الجامعة والأطفال في سن مبكرة. ولكي يتعلم الطفل مهارة إدارة الوقت، لا بد أن يرى البالغ يجيد إدارة وقته بشكل فعال.

 إن مهارة إدراة الوقت للأطفال هي مهارة يجب أن يتقنها كل أب وأم. يعاني الآباء والأمهات كثيرًا من فكرة قضاء الأطفال لوقت طويل في استخدام الشاشات. يجب أن ندرك أننا لا نستطيع الحد من وقت استخدام الشاشات للأطفال إلا في وجود بدائل نقدمها لهم. وهنا تتجلى أهمية مهارة إدارة الوقت للأطفال.

يمكن لاستخدام الشاشات screen time أن يكون تعليميًا ويدعم التنمية الاجتماعية للأطفال، كما يمكن أن يكون ضار جدًا ويؤدي إلى تأخر مهارات الأطفال. لذلك هو موضوع شائك قد تجد فيه العلماء والأخصائيون ما بين مؤيد ومعارض ولكن الحل الأمثل في كل شيء هو إرساء ضوابط وقوانين واتباعها، وتفعيل مهارة إدارة الوقت للأطفال بشكل مناسب.

يحتاج المربي إلى معرفة كيفية إدارة الأوقات التي يقضيها أطفاله أمام الشاشات بشكل خاص، كما يحتاج لمعرفة إدارة الوقت للأطفال بشكل عام. ولكن دعونا نحدد إدارة الأوقات التي يقضيها الأطفال أمام الشاشات في هذا المقال لأهميتها ولكثرة الأسئلة حول هذا الموضوع وتضارب الأقوال فيه.

 ففي بعض المنازل يبقى التلفاز مفتوحًا على مدار الساعة، فلا يحظى الأطفال بتمرينات صحية أو رعاية واهتمام بالجوانب الأخرى الهامة في حياتهم، ولا حتى يتفاعلون مع بعضهم البعض. فكل ما يصل إليهم عبر الشاشات هو نوعية معينة من الأفكار قد لا نُفضل أبدًا التعرض لها، مثل: العنف، واللغة السوقية، والإعلانات عن المنتجات الغير صحية، أو الإعلانات الترويجية للألعاب التي لا يمكن في بعض العائلات توفيرها للأطفال.

يجب الأخذ في الاعتبار أن أوقات اللعب الغير منتظم تٌعد أكثر قيمة لنمو دماغ الطفل من الوسائط الإلكترونية. يتعلم الطفل من خلال اللعب مع الأب والأم والأشقاء أكثر بكثير مما يشاهده عبر الشاشات. قد يتعلم الطفل بعض المهارات من مثل تلك الوسائط الالكترونية (الشاشات) مثل: البرمجة بالموسيقى، والحركة، والقصص (ولكن من خلال المشاهدة معك وبرقابة لكي تساعد طفلك على فهم ما يراه وتطبيقه في الحياة الواقعية)، ومع ذلك لا ينبغي أن يحل وقت الشاشة السلبي محل القراءة واللعب وحل المشكلات.

قام بعض الباحثين بربط قضاء وقت طويل أمام الشاشات والتعرض المنتظم لنوعية برامج ذات جودة منخفضة بما يلي:

- السمنة

- اضطرابات النوم واضطرابات المزاج

- مشاكل في السلوك

- التأخر في تنمية المهارات اللغوية والاجتماعية

- العنف

- ضعف الانتباه - فرط الحركة

- قضاء وقت أقل في التعلم 

- التشتت وقلة التحصيل الدراسي

وحيث أن أمر استخدام الأطفال للشاشات هو أمر مفروغ منه في عصرنا الحالي، فيجب علينا أن نتحكم في جودة الوقت الذي يقضيه الطفل في ذلك، عن طريق إدارة هذا الوقت بشكل مناسب لكل طفل من حيث عمره وبيئته وحالته الصحية والنفسية. 

مما لا شك فيه أننا لا نرغب في تعرض أطفالنا لمثل هذه الأمور السيئة التي نوهنا عنها في جزء سابق من المقال. لذلك يجب علينا أن نتعلم كيفية إدارة الوقت للأطفال أمام الشاشات عن طريق معرفة المعايير التي تضمن جودة  الوقت الذي يقضيه أطفالنا أمام تلك الشاشات.

ولضمان إدارة وجودة الوقت الذي يقضيه الأطفال أمام الشاشات، عليك اعتبار ما يلي:

1-  قم بمعاينة البرامج والتطبيقات والألعاب قبل السماح لطفلك بمشاهدتها أو اللعب بها. تتمتع منصات مثل Common Sense Media بتصنيفات ومراجعات لمساعدتك في تحديد ما هو مناسب لعمر طفلك. والأفضل من ذلك، أنصحك بمشاهدتها أو لعبها مع الطفل ولو مرة على الأقل قبل السماح له بتجربتها.

2- ابحث عن خيارات  تفاعلية تجذب طفلك بدلًا من الألعاب التي لا تتطلب منه غير التحديق وتحريك أنامله. فبدلًا من الألعاب القتالية يمكنك اختيار ألعاب الذكاء والألغاز. 

3- استخدم أدوات الرقابة الأبوية لحظر محتويات محددة أو تصفيتها. وتتميز هذه الأدوات بأنها تجعلك قادر على التحكم في المحتوى الذي يتعرض له أطفالك بالإضافة إلى القدرة على إدارة الوقت المستغرق في استخدام الشاشات وتحديده.

4-  تأكد من وجود طفلك في محيطك وهو يشاهد حتى تتمكن من الاشراف على أنشطته، أو على الأقل سماع المحتوى والتدخل في الوقت المناسب.

5-  اسأل طفلك بانتظام عن الألعاب والتطبيقات التي قام باستخدامها خلال اليوم. حاول أن تناقش طفلك في تفاصيل الألعاب أو التطبيقات.

6-  ناقش الطفل فيما يشاهده وحاوره - قم بتعليمه أشياء عن التسويق والإعلانات التجارية والغرض منها. 

7-  تجنب البرامج التي تحتوي على الكثير من المحتوى المشتت للإنتباه. مثل المشاهد السريعة المتلاحقة أو الأصوات العالية وخاصة للأطفال ما تحت الثانية، فهو أمر خطير جدًا.

8- إذا كان طفلك أقل من 4 سنوات، تخلص من الإعلانات على المقاطع، لأن الأطفال في هذا السن يواجهون صعوبة في معرفة الفرق بين الإعلانات والمعلومات الواقعية.

9-  تجنب ألعاب البلاي ستيشن أو الكمبيوتر قبل وقت الفراش.

10- ضع قواعد واضحة وحدود معقولة لاستخدام طفلك الشاشات، فالمنع ليس حل ولكن إدارة الأوقات يعد بمثابة حل سحري.

وفي طريقك السليم لإدارة الو للأطفال، ضع في اعتبارك هذه البدائل لتقليل وقت استخدام الشاشات للأطفال:

1-  شجع أوقات اللعب بشكل أكبر، وإن كان في إمكانك استبدال الشاشات بوقت لعب حر، إفعل ذلك ولا تتردد. 

2-  لا تستخدمي الشاشات كجليس للأطفال. ليس معنى ذلك أن تشعري بالذنب لأنك تركت طفلك أمام الشاشة لتحظي بساعة نوم إضافية، أو أنك أدرت التلفاز لطفلك حتى يهدأ بينما أنت تعدين طعام الغذاء، فلست الوحيدة التي تقومين بذلك، ولكن فقط استخدميه بشكل حكيم واجعليه يخضع لمعايير إدارة الوقت السابق ذكرها.

4-  قم بعمل مناطق أو ساعات خالية من التكنولوجيا ليتعلم الطفل أن هناك أنشطة أخرى ممتعة غير استخدام الشاشات. فعلى سبيل المثال: يمكنك تخصيص غرفة للعب الحر، كما يمكنك أيضًا استغلال وقت الغذاء في إدارة الحوارات العائلية بدلًا من مشاهدة التلفاز.

5- يمكنك عمل مسابقات بشكل إسبوعي في المنزل وتخصيص وقت لذلك. حاول أن تفعل ذلك بشىء من المرح حتى يأنس أطفالك ويكونوا دائمًا في انتظار وقت الترفيه، بل وسيكونوا على استعداد لاختيار وقت الترفيه معك إذا ما خيرتهم بين ذلك وبين قضاء وقت أمام الشاشات.

6- عدم تشجيع استخدام الشاشات في أوقات تناول الطعام أو أداء الواجبات المنزلية.

7- قم بتعيين وفرض قيود زمنية يومية وأسبوعية على وقت الشاشات، وكن صارم بشأن ذلك جدًا. لا تتهاون أبدًا، فعلى سبيل المثال: لو أنك حددت ساعة يوميًا، فلا يمكنك أن تتهاون مهما كانت الظروف (باستثناء بعض الظروف الخارجة عن إرادتنا). كما ينبغي عليك حظر استخدام الشاشات في أوقات معينة، أثناء تناول الطعام كما ذكرنا سابقًا وقبل النوم بساعة لأنها تقوم بتنشيطهم وإثارتهم في الوقت الذي يحتاجون فيه للاسترخاء.

8- لا تقم بوضع التلفاز في غرفة نوم أطفالك وتجنب وضعه في غرفة الألعاب أو المكان الذي يدرس فيه الطفل.

9- اطلب من أطفالك أن يقوموا بشحن أجهزتهم ليلًا خارج غرفتهم.


قامت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال بتقديم توصيات ونصائح حول كيفية إدارة الوقت للأطفال أثناء استخدام الشاشات:

- لا يرجح للأطفال تحت عمر السنتين مشاهدة أو استخدام الشاشات على الاطلاق.

- يمكن للسماح للأطفال من سن 2-12 بقضاء ساعة واحدة يوميًا

- يُسمح بقضاء ساعتين للمراهقين والبالغين 

كما يمكننا أن نقول أن تقليل وقت استخدام الأطفال للشاشات لهو أمر مرهق للغاية ويشغلنا كثيرًا. ولكن إذا أردت أن تصرف نظر طفل عن شيء، عليك إيجاد البدائل له. إن البدائل في حالتنا هي أوقات اللعب، ولكن دائمًا ما تكون هذه الأوقات مزعجة لأن المربي لا يضع لها قوانين ولا يعلم كيفية إدارة وقت اللعب بشكل مناسب.

ولكن هل يجب علينا إدارة وقت اللعب للأطفال أيضًا ووضع قوانين له؟ 

حسنًا، ليس المقصود باللعب فقط اللهو بالدمى، بل إنه كذلك الخروج في نزهة أو رحلة ، مساعدة أحد الأبوين، الأنشطة الخلاقة (كالرسم واللعب بالصلصال - لعبة التمثيل والتقمص). ليس بالضرورة أن يكون الصخب والصوت العالي صفة ملازمة لهذه الأوقات، بل على العكس تمامًا قد تكون أوقات تتسم بالهدوء والمتعة. وإليكم بعض النصائح التي ذكرتها جو فروست في كتابها سوبر ناني لخلق بيئة لعب جاذبة للطفل وإدارة وقت اللعب للأطفال بشكل ممتع:

1-  دعي طفلك يختار اللعبة التي يريدها

2-  شجعي طفلك على القيام بالأشياء بمفرده؛ أريه كيف يقوم بالشيء وبعدها اتركيه يفعله بمفرده ليكتسب المهارات التي يقوم بها البالغون بالتدريج.

3- لا بد أن تشارك طفلك اللعب، والمشاركة هنا لا تعني أن تلعب بشخصيتك الحالية، بل تخلى عن الجدية ودع الطفل يقودك إلى حيث يريد وأن تلعب معه بقوانينه هو. 

4- لا تقم باستسخاف الألعاب مهما بدت لك سخيفة؛ إن صنع خيمة من ملاءات السرير القديمة قد يبدو بالنسبة إليك سخيفًا، إلا أنها تعتبر مغامرة كبيرة وممتعة بالنسبة إلى الطفل.

5- اجعلي الطفل يقوم بأدوار مختلفة أثناء اللعب وقومي بتقديم أفكار لتثري مخيلة الطفل وجعلها في حالة نشاط مستمر.

6- لا تجبري الطفل على اللعب بلعبة تفوق قدراته العقلية أو الجسدية. أحيانا ما ترغب الأم في تطوير مهارة الطفل فتحضر لعبة مكتوب عليها أكثر من 5 سنوات وتعطيها لطفلها البالغ من العمر 3 سنوات ظنًا منها أنها بذلك تنمي مهارات الطفل وأنها تزيد من معدل ذكاءه. يجب أن تعلم أن الأعمار وضعت على لعب الأطفال لسبب وجيه وليس اعتباطًا وإرضاء لأذواق الآخرين.

7- لا تشتري ألعاب غالية الثمن أو قابلة للكسر للأطفال الصغار. سينتهي الأمر بك غالبًا تلومين الطفل وتخبريه بأنه مهمل، ولا يمكنه الحفاظ على ألعابه، وستضيفين لنفسك سبب جديد يجعلك في حالة توتر. أحيانًا تكون علب الكرتون والأوراق أكثر متعة للطفل من لعبة غالية الثمن يرى طفلك خوفك عليها من الكسر في كل لحظة يقوم بلمسها.

8-  اخرج من المنزل كلما سنحت لك الفرصة. فالأطفال بحاجة إلى التنفس خارج المنزل في مساحة مفتوحة يفرغون فيها طاقتهم الزائدة. وأنت كذلك بحاجة إلى نفس الشىء.

وفي ختام حديثي أود أن أذكر أنه ربما لاحظت عزيزي القارىء أنني في مقالي وجهت حديثي للرجال تارة وللنساء تارة أخرى. لم يكن ذلك خطأ أو محض صدفة، ولكن أعني بذلك أن مسؤولية تربية الطفل مسؤولية مشتركة وليست حكرًا على الأم فقط. يمكن للمربي أن يكون الأب أو الأم، ولكن الأفضل أن يكونا كليهما. فما أجمل أن يتعلم كل من الأم والأب كيفية إدارة الوقت للأطفال.

وفي النهاية إن مسؤولية التنشئة، والتربية، وإدارة الوقت للأطفال لهي من أعظم وأشق الأمور على الإنسان، ولكنها شاقة على من يحاول بالفعل أن يربي بصورة صحيحة. فإذا كان الأمر شاق بالنسبة لك وتبذل من الوقت والجهد الكثير لمعرفة الصحيح والمناسب لطفلك، فهنيئًا لك، أنت على الطريق الصحيح مهما أخفقت. أما إذا كنت ترى الأمر سهلًا ولا داعي لكل هذه النصائح وأن الأمر معروف بشكل فطري، وإذا كنت لا تحاول التعلم والتطور من أجل أطفالك، فأنت حتمًا لا تربي أطفالك بشكل صحيح. راجع نفسك.

0 تعليقات