اضطراب تشوه الوجه | هوس بالجمال يؤدي إلى اضطراب نفسي



اضطراب-تشوه-الوجه-اضطراب-نفسي


من منا لا يحب الجمال أو لا يهتم بأن يراه الناس في أجمل هيئة؟ لكن انتبه قد يتحول الاهتمام المفرط بالجمال إلى اضطراب نفسي خطير هو اضطراب تشوه الوجه.

شاع الاهتمام بالجمال تاريخيًا مع تنوع أشكاله واختلاف الأزمنة والمجتمعات ومازال الجمال محط الاهتمام في حاضرنا ومجتمعاتنا ولا ننكر تأثيره على الصحة النفسية حيث يستمد منه البعض جزءًا ليس بهين من الثقة بالنفس ولكن وكما نعلم إذا زاد الشئ عن حده انقلب ضده فالإفراط في الاهتمام بالجمال والمظهر الخارجي قد يؤدي إلى اضطراب تشوه الوجه.

ازداد استخدامنا في الآونة الأخيرة لمكالمات الفيديو عبر الزوم  وغيره من التطبيقات لإجراء مقابلات العمل والدراسة والدورات التدريبية فنتفحّص صورتنا الظاهرة على شاشة الهاتف بتمعن وتراودنا الكثير من الأفكار كلماذا لوني شاحب؟ أنفي يبدو كبيرًا وغير متناسق. وجهي يحتاج بعض التعديلات. بالطبع يروني قبيحًا.

كما ازدادت التطبيقات والفلاتر لتعديل الصور وخصوصًا -السيلفي- فهي تمنح الوجه بشرة مثالية ناعمة خالية من الحبوب والتجاعيد وتصغر الأنف ليصبح في حجم أنف القطة وتنحت عظام الفك ليشبه فك أنجلينا جولي والكثير من التعديلات التي تؤثر سلبًا على ما تتصوره أعيننا لجمالنا الخارجي. فهي قد تصور لك عيوبًا ليست موجودة من الأساس أو عيوبًا ليست ملفتة إلا لك عندما تتفحص نفسك بشكل دقيق جدًا وفيما يلي سنناقش ما هو اضطراب تشوه الوجه وعلاماته وأسبابه وعلاجه.

اضطراب تشوه الوجه يندرج تحت اضطراب نفسي أشمل هو اضطراب تشوه الجسم.

اضطراب تشوه الجسم

هو اضطراب نفسي يسبب للمريض الإحساس بالقلق والإحراج ناحية جسمه ومظهره فتجده يتصور عيوبًا ليست به أو يضخم من حجمها.

وفي اضطراب تشوه الوجه ينصب تركيز المريض على وجهه وأنفه وعينه وحبوب البشرة وتجاعيدها وكل ما يخص الوجه من تفاصيل يتفحصها بمزيد من القلق والإحراج، فتستنزف حياته اليومية بالإفراط في التفكير فيها، ويتجنب التجمعات ومقابلة الأصدقاء مما يدفعه ذلك لإجراء عمليات تجميلية لتحسين الوجه والتي غالبًا ما تنتهي بنتائج غير مرضية له.

علامات الإصابة باضطراب تشوه الوجه:

1. إحساسك بالقلق من مظهرك لساعات طويلة يوميًا.

2. إحساسك بالحرج الشديد والارتباك من مظهرك.

3. طلبك لرأي غيرك في شكلك باستمرار لتطمئن.

4. تجنب الحياة الاجتماعية.

5. غيابك المتكرر عن العمل أو المدرسة.

6. تضييع وقت طويل في إخفاء عيوب الوجه بمستحضرات التجميل.

7. إجراء جراحات تجميلية لإصلاح عيوب الوجه المتصورة.

8. استنزاف الوقت والمال والمجهود على الإجراءات  والرتوش التجميلية مثل حقن البوتوكس والفيلر وتبييض الأسنان بشكل متكرر.

أسباب الإصابة باضطراب تشوه الوجه:

تزداد معدلات الإصابة بالاضطراب في سن المراهقة المبكرة ولكن يمكن حدوثها في أي سن. من المحتمل أن يصاحب الإصابة باضطراب تشوه و الوجه الإصابة باضطرابات نفسية أخري مثل اضطرابات الأكل، اضطرابات القلق، واضطراب الوسواس القهري.

لا يُعرف تحديدًا سبب الإصابة باضطراب تشوه الوجه، ولكن يوجد بعض العوامل التي تساهم في ظهوره.

1. تاريخ عائلي مرضي للإصابة باضطراب تشوه الوجه.

2. معايشة أحداث مؤلمة أو صدمات عاطفية في الطفولة.

3. الشخصيات المحبة للكمال

4. ضعف الثقة بالنفس.

5. المؤثرات المجتمعية التي تضع معايير محددة للجمال.

علاج اضطراب تشوه الوجه:

غالبًا ما يشخص مختصو الصحة النفسية الإصابة باضطراب تشوه الوجه والجسم معًا.

التشخيص يعتمد على نوع الأعراض التي تظهر على المريض وكيف تؤثر على حياته بالسلب.

قد يرشح الطبيب؛ العلاج النفسي كالعلاج السلوكي المعرفي وهو أسلوب علاجي قائم على التحدث مع المريض ومساعدته في إدراك التفكير غير الصحيح والسلبي لتظهر له المواقف الصعبة أكثر وضوحًا ويستجيب لها بطريقة فعالة سليمة من خلال حضور عدد محدود من الجلسات على فترات منتظمة.

يستخدم العلاج المعرفي السلوكي بشكل واسع في علاج الأمراض النفسية المرتبطة بالقلق وهو الأفضل في العلاج النفسي لمساعدته المريض على تحديد مشكلاته وتحدياته والتعامل أو التكيف معها حيث يتطلب جلسات قليلة مقارنة بطرق العلاجات الأخرى كما أن نسبة الخطر فيه ضئيلة ولكن قد يشعر فيه المريض بعدم الارتياح العاطفي أحيانًا لأن العلاج السلوكي المعرفي قد يجعل المريض يستكشف المشاعر والعواطف والخبرات المؤلمة فقد تبكي أو تتضايق أو تغضب في جلسة صعبة.


قد يرشح الطبيب؛ العلاج النفسي الدوائي باستخدام مضادات الاكتئاب لتخفيف اضطرابات المزاج أو مثبتات المزاج لتقلل من هوس فرط التفكير.

من المهم اختيار مختص صحة نفسية حاصل على شهادة اختصاص في اضطرابات تشوه الجسم أو اضطرابات صور الجسم الأخرى.

التأثير السلبي للاضطراب:

يؤثر الاضطراب تأثيرًا سلبيًا على حياة المريض بطرق مختلفة، تجده منعزلًا عن أي نشاطات اجتماعية كجمعات العائلة  والأصدقاء والتغيب المتكرر عن عمله حيث يستحوذ هذا الاضطراب استحواذًا كاملًا على المريض وحياته. يستيقظ صباحًا ناقمًا على مظهره ينظر في المرآة متأملًا صورته في غاية القبح ويتمنى ألا يراه أحد.

يمشي في الشارع متتبعًا نظرات من حوله وفي عقله الكثير من الأفكار السلبية التي يتصورها من الناس نحو مظهره وكم يرونه قبيحًا.

يذهب لعمله أو جامعته معتقدًا أن الآخرين يحدقون به وبعيوب وجهه حتى هاته الحبة الصغيرة التي تُرى بصعوبة وعن قرب.

كما أنه يرى نفسه أقل استحقاقًا من زملائه لأنهم أكثر منه جمالًا وفي الحقيقة أنها كلها أوهام يسببها الاضطراب وتتفاقم أكثر إذا ما وجد المصاب بها الدعم من حوله أو إذا واجه التنمر.

ينعزل المصاب بالاضطراب عن من حوله مستسلمًا استسلامًا كاملًا للأفكار السلبية والأوهام يمكن أن تصل به للانتحار.

زاد معدل انتحار مصابي اضطراب تشوه الجسم والوجه كثيرًا، ويصعب على المصاب السيطرة على اضطراب تشوه الوجه بنفسه، لكنه يحتاج إلى مختص صحي سلوكي ومن المحتمل احتياجه لتدخل دوائي.



نصائح مفيدة لمصاب اضطراب تشوه الوجه:

1. تحدث مع ذاتك بإيجابية واستبدل الأفكار السلبية بأخرى إيجابية مثل أنك صديق مخلص وتتمتع بالذكاء ومتميز في عملك.

2.توقف عن التفكير في آراء الآخرين عنك، والقلق من تحديقهم بك في مقابلات الفيديو، وتذكر لا أحد يحدق بعيوبك كما تفعل، بل وقد يكونوا مشغولين بمظهرهم كيف يبدو كذلك.

3. تذكر أن مواقع التواصل الاجتماعي ليست حقيقية، وأن مظهر الأشخاص في الواقع مختلف. هم يلتقطون 25 صورة على سبيل المثال معدلة بفلاتر تجميلية ومؤثرات ويختارون الأجمل منها وينشرونها، وفي الحقيقة لا يبدون بنفس الصورة ومن الظلم مقارنة مظهرك الواقعي بصور مواقع التواصل الاجتماعي.

4. الجمال متنوع ومختلف فلا تصدق تلك المعايير التي تتغير يومًا بعد يوم فتؤذي من يتتبّعها.

5. أغلق كاميرا الهاتف إذا أحسست بصعوبة التركيز في مكالمة الفيديو، حاول ألا تستخدم الكاميرا وتفاعل بالنظر إلى الآخرين كما تتفاعل في الواقع.

نصائح لمن حول المصابين باضطراب تشوه الوجه:

كلنا نعلم أن الدعم النفسي مهم لأي إنسان لا يعاني من أي اضطراب نفسي وعليه فهو أكثر أهمية بأضعاف لمن يعاني من أي اضطراب نفسي ونخص بالذكر اضطراب تشوه الوجه والجسم، فالمصابون يحتاجون لدعم نفسي قوي والتحدث معهم بلطف نحو مظهرهم وبإيجابية لا بلهجة ناقدة أو باستهزاء.

إذا وجدت أحدًا من حولك يعاني من هذا الاضطراب فكن لطيفًا معه، ادعمه وأخبره بمميزاته الفريدة عن غيره وساعده في استعادة ثقته بنفسه.

حدثه كم أن مظهره اليوم جميل ووجهه مشرق لا تبالغ ولكن قل الحقيقة فكلنا جميلون ولا يوجد أحد قبيح.

ابتعد عن السخرية فيما يتعلق بمظهر الناس حتى وإن كان على سبيل المزاح لأن الكلمة أحيانًا يكون تأثيرها كتأثير السيف.

ناقشنا ما هو اضطراب تشوه الوجه، وتأثيره السلبي على من يعاني منه، وكيف نقلل من فرص الإصابة به ببعض النصائح لعلنا نحد من مرض أو اضطراب نفسي خطير قد يهدد حياة المريض ولأن الصحة النفسية مرتبطة بالصحة الجسدية فاهتمامنا بها لا يقل أهمية عن الصحة الجسدية فلا تتردد في زيارة واستشارة مختص نفسي إذا ما شعرت باحتمالية إصابتك باضطراب تشوه الوجه.

0 تعليقات