حب الذات | 16 وصفة للتوازن والسلام الداخلي

                
حب-الذات-سلام-توازن-المرأة-تطوير

لحظة واحدة كفيلة بتغيير مجرى التاريخ، وليس في الأمر أية مبالغة، فالأمر يا سيدتي يتعلق بكِ وحدك، خذي لحظة واحدة من هذا الوقت الطويل كي تتأملي ذاتك وتتحسسي نبضات قلبك، هي لحظة واحدة، سوف تخبرك بأنه قد آن الآوان لتطبيق قانون جديد، قانون ينطلق منك ويعود اليك، قانون الحب من أجل ... نفسي! قانون حب الذات.

حينها سوف تتبدل المواقف لأن جميع هذه الخيوط سوف تنسج معاً كي تحيك لكِ واقعاً أكثر هدوءاً ومستقبلاً فيه كل الابداع. فهل أنتِ مستعدة لهذا التغيير؟

من المستغرب حقاً، أن تعيش المرأة كل حياتها وهي "تعطي" الحب وتضحي من أجل الحب، ولكن دون أن تدرك فعلاً بأنها أولاً وأخيراً هي الشخص الأولى بهذا الحب، فماذا يعني أن تحبي نفسكِ كإمرأة؟

ببساطة، لا بد من تقدير الذات كي تعيشي حياتكِ بصورة طبيعية، ولكن المفتاح الرئيسي لهذا التقدير ينبع من احترام الذات، وهذا الاحترام لا مجال للوصول اليه إلا من خلال حب الذات، بمعنى التعرف عن كثب على كل الميزات والسمات والصفات والقدرات التي تتمتعين بها، فضلاً عن الامكانيات والمهارات والامكانيات التي تنفردين بها كفردٍ في هذه الحياة، كل ذلك يجعلك تؤمنين بنفسك، وهذا النوع من الايمان بالنفس يؤدي بطبيعة الحال الى اكتساب الثقة بالنفس التي تؤهلك لاكتشاف ذاتك النقية الصافية الرائعة الخلاقة.

هذا هو الحب الذي يقضي نهائياً على غيوم الشك والظلام وضعف الشخصية والتردد بأعماقك ويخلق فيك التوازن والسلام الداخلي.

هذا هو الحب الذي يؤهلك الى معرفة الصفات الحميدة بداخلك، وهناك الكثير منها بالتأكيد! فأنتِ لديك الرحمة والحنان والرأفة، كما لديك المعرفة والحكمة، قد تعرفين بعض هذه القدرات وبعضها يعتبر أمراً مفروغاً منه بالنسبة لكِ، والبعض الآخر لا يمكن ادراكه الا من خلال حب الذات.

 لذلك تعرفي على معنى حب الذات من أجل رؤية صفاتك الجيدة بصورة أوضح تستطيعين من خلالها القضاء على أية أفكار سلبية قد تداهمك فجأة وقد تسبّب لك القلق والمعاناة، لأن حب الذات فن وبعيد كل البعد عن الأنانية والتسلط والعنجهية.

هذه المشاعر السلبية التي قد تصادفك أحياناً ما هي الا مجرد موجات سطحية، فالاعماق نقية ولديها الوعي وتتمتع بالسلام.

لذلك، وكي تكوني زهرة ندية تبث "الحب" في كل إتجاهٍ صحيح عليك أولاً اتقان "فن حب الذات" كما عليك كي تتعلمي هذا الفن أن تكوني صبورة مع نفسك، فالسلام الداخلي ليس بدعة انه نعمة أثمرها الصبر ، كما أن التوازن هدية تفتحت بين أغصان المعرفة والعلم والوعي.

وإياكِ أن تعتقدي أن  الدعوة الى حب الذات ما هي إلا وجهٌ آخر للإنانية كما قلت لكِ سابقاً، ابداً، فالبداية لا بد وأن تكون "حب" من أجل نفسكِ ولنفسكِ ثم للآخرين. لأن ما أصبحنا نفتقر اليه اليوم هو "الحب"، هذا الشعور الجميل البريء وهذه الطاقة السحرية التي تصنع العجائب وتشع بالمعجزات.

الحب، هو نور تستطيعين من خلاله أن تكتشفي ذاتك الإنسانية، ومن يملك مثقال ذرة من حب يستطيع أن يعطي الرجاء والأمل للعالم ، كما يعطي للدنيا... السعادة، ومتى تمكنتِ من بلوغ مرحلة حب الذات، كنتِ على الصورة التي "يحبها" الله تعالى، وشعرت فعلاً بالتوازن والسلام الداخلي وهما يشعان نوراً في قلبك ثم في حياتك وبالتأكيد في حياة المحيطين بكِ.

كيف ذلك؟ كي يكون الجواب جلياً بالنسبة لكِ سوف نترافق سوياً في رحلة شيقة بإتجاه هذا القلب الجميل الذي ينبض حباً وسلاماً وعطاءً، 

ولتكن رحلتنا وصفات بسيطة في الممارسة ومتعددة الفوائد عند تطبيقها وإعلمي أنه لا بد مع كل وصفة أن تضيفي على مكوناتها الأمل والارادة من أجل حياة أكثر  توازناً وجمالاً وحباً وسلاماً.

وصفة 1: تلذذي بنكهات الحب الجميل

أجمل ما في الحب أنه يدفعك ... للإحسان :

"وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين" ( البقرة/195)

فالحب هو ... طهارة القلب والروح والجسد والعقل والإحساس:

"وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ" (البقرة /222)

الحب... يدفعك للوفاء والتقوى والصلاح والهدى، 

"بَلَىٰ مَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ وَاتَّقَىٰ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ" (آل عمران /76).

هل علمتِ الآن لماذا عليك أن تحبي نفسك من كل...قلبك؟ حب الذات هو أجمل وسيلة تستطيعين من خلالها أن تزرعي الخير في كل اتجاه، والابداع هنا أن كل جميل باتجاه الآخرين سوف ينبت السلام الداخلي والتوازن في حياتك أنتِ، فتشعرين حينها بنعمة الاستقرار وحلاوة الأمان والطمأننية والسعادة والرفاهية.

ولأن الحب ينطلق من القلب والقلب يجب أن ينعم بالسلام الداخلي كي يحب ويعطي ويضحي ويتحمل، ولن يكون ذلك إلا إذا عرف قلبك قيمته الحقيقية ومدك بالتقدير لذاتك ومشاعرك.

هذا الكلام ليس شعراً على الإطلاق ... فالقلب الذي لا يحبُ صاحبُهُ لن يعطي الحب لسواه أبداً،

وإسمحي لي  أن أعترف بأنني حين فكرت أو بالأحرى حين طرحت على نفسي هذا السؤال كيف أحب ذاتي؟ إستغربت، حتى إنني لوهلة شعرتُ باللوم وكأنني أرتكب إثماً في الخفاء.

أتعلمين لماذا؟

لأننا لم نتعود أصلاً على مصارحة الذات والتودد إليها والتقرب منها كما يجب.فمنطق التربية الذي نشأنا عليه عودّنا أن نفكر بغيرنا دوماً ومن ثم أنفسنا ولكن هذا خطأ لا بل هو خطأ جسيم أيضاً،

لأنه يجب أن ننطلق من أنفسنا بإتجاه الآخرين بمعنى أنفسنا أولاً ثم نتشارك جميعاً هذا الحب الرباني المقدس الراقي، فحب الذات هو السبيل لتقدير الذات ثم الثقة بالنفس، وعندما تفتقرين الى حب الذات سوف تفتقدين بالطبع هذا التقدير وهذه الثقة مما سيؤثر سلباً على صحتك النفسية والعقلية والجسدية، ولا شك بأنك ستخسرين بالنتيجة السلام الداخلي والتوازن والرغبة في الحياة.

وصفة 2: تحركي مهما كانت حالتك النفسية أو الصحية

بالأمس القريب، عانيت الألم والحزن، لا أدري حقاً إن وصل بي الأمر الى حد الاكتئاب. وفي هذا الوقت بالذات كنت أشعر بأن العالم من حولي يسير بسرعة، والملفت إنني كنت أحس أنه ربما كان هناك دعاء سحره عجائبي تدعوه بقية النسوة وليس لي حظ منه على ما يبدو .

هكذا كنت أردد في نفسي، وكنت أحياناً كثيرة أقنع  نفسي بأن الانطلاق للأمام يحتاج الى ثورة والحقيقة أنه كان يحتاج للهدوء أكثر.

 كل ما في الأمر أنني نسيت كل طاقاتي الابداعية، حتى أنني كنت أخجل من هذه العبارة تجاه نفسي، لماذا ؟ بالتأكيد لأنني لم أكن قد تعودت على الاعتراف بالحب لنفسي، وكأن الابداع ليس من حقي.

لم أكن أحتاج سوى هذا الحب كي أستفيق من غفوتي، إنه حب الذات، هي كلمة رنانة وتأثيرها جميل. لهذا كان لا بد وأن أتعلم معناها كي يعود التوازن والسلام الداخلي لقلبي ثم لحياتي. 

حين أدركت ذلك، قررت المضي قدماً مهما كانت ظروفي أو حتى مشاعري، فالظروف لن تتغير لوحدها ومشاعري أنا من أتحكم بها.

لذلك، مهما كانت حالتك، من حقك أن تنعمي بالتوازن والسلام الداخلي، لا تستسلمي للسكون أو الصمت الفتّاك الذي يضج كالصفير المتواصل في وجدانك، بل تصرفي، تحركي وإمضِ...

وصفة 3: تذكري بأنك فريدة من نوعك ولا تقارني نفسك بأحد على الإطلاق

مهما بلغ عدد سكان الأرض يبقى كل واحد منا شخص فريد من نوعه أحبه الخالق تعالى فوهبه نعمة الإيجاد ورباه بالنِعم والعطايا التي لا تُعد ولا تحصى،

هذا هو جوهر الحياة ، النفس الإنسانية ذات الطبيعة الربانية 

"فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي" ( الحجر 29)

 لذلك أحبي نفسك على هذا الأساس، ومهما كان شكلك أو حتى طريقة عيشك أو ظروفك تذكري بأن الله سبحانه كرّم بني آدم فلا تعتبري نفسك أفضل من أي شخص، كذلك لا تعتبري نفسك أدنى من أي مخلوق.

لقد خُلقتِ وفطرتك القدرة على المنافسة الشريفة والعطاء بلا حدود، أحياناً تفيدك المقارنة للتقدم، ولكن هذا الأمر "خطير" إذا زاد عن الحد الطبيعي، لذلك لا تشغلي نفسك بالمقارنة مع أي مخلوق آخر، بل ركزي جل اهتمامك على نفسك، وكوني على ثقة بأن حب الذات هو الشعلة التي ستضيء أمامك كل السبل للمضي قدماً دون أي إبطاء أو تأخير أو تسويف أو مماطلة، التوازن بداخلك سوف يعطيك طاقة للابداع، كما أن السلام الداخلي سيجعلك تشعرين بالحرية والقدرة على التميّز والابتكار.

أنتِ كما أنتِ، مخلوق عزيز على المولى عز وجل، لا تنظري لأحد أو تتمني أن تصبحي مثل أحد ، لا تقارني نفسك بأي إنسان مهما تصورتِ أو إعتقدتِ بأن حياته أفضل من حياتك.وتذكري دوماً بأن العصفور لا يقارن نفسه بالسمكة أبداً ! فإذا كانت هي قادرة على الغوص في الأعماق فهو بدوره قادر على التحليق للآفاق.

وهكذا نحن البشر، كل واحد منا له ميزات خاصة وكيان لا مثيل له، فلا يهم من يرانا وكيف يرانا المهم أن الله سبحانه وتعالى يباركنا.

وهنا ، لا بد من التأكيد بأنه يجب أن تترافق هذه الخطوة مع قناعة أخرى تكملها وتنسجم معها، وهي عدم النظر الى الآخر، لا سيما النساء، بطريقة "فوقية" أو ما أصبح يُعرف اليوم ب "التنمر".

لذا، تمهلي عزيزتي وإعلمي جيداً بأنك مخلوق منحه الله تعالى سمات اللطف والرقة والحنان كي يتعاطى مع الآخرين على هذا الأساس،  تعاملي مع أخواتك، صديقاتك، وزميلاتك وحتى الجيران دون "تنمر" حتى لو كنتِ أو أصبحتِ  إمرأة معروفة ، متفوقة ، مميزة ، فكل إمرأة هي إمرأة "مميزة" بالنتيجة.

تذكري دوماً بأن لغة الحب هي أبلغ بكثير من أية لغة أخرى.

وصفة 4: حددي الميزات الجميلة التي تتحلين بها وكذلك مواهبك!

أعطِ نفسك بعض الوقت للقيام بهذا التمرين، وعلى فكرة مسألة التمارين ممتعة للغاية، إنها طريقة لطيفة للتواصل مع الذات بطريقة جميلة جداً، وهذا ما إكتشفته حين بدأت أمارسها بشكلٍ جدي ودائم،

حسناً، الآن أكتبي بكل شفافية ما الذي يميزك عن غيرك،وما هي المواهب التي تتمتعين بها؟ ما هي الأشياء التي بمقدورك القيام بها بكل سهولة في حين أن الآخرين يقومون بها بوتيرة اقل أو حتى لا يستطيعون أصلاً القيام بها ، وإعلمي بأن ميزاتك ستجعلك تحبين ذاتك وتتقربين منها أكثر دون غرور أو تعجرف لا لزوم له.

الغاية من هذا التمرين إكتشاف نفسك أكثر فأكثر، بمعنى التركيز على نقاط القوة التي تتمتعين بها وهذه من أهم سبل حب الذات والطريق نحو التوازن والسلام الداخلي.

وأؤكد هنا أن مسألة الكتابة هي حقاً إبداع بحد ذاته، تجعلك تنظرين بعين الرحمة والحب الى أعماق ذاتك كي تستخرجي منها كل ما هو جميل ومفيد من أجل حياة أكثر سعادة وهناء وإستقرار،

ولعله من المفيد الإشارة الى مبادرة "أنا فتاة مناضلة" وهي عبارة عن كتيب مذكرات لدفع الفتيات العربيات إلى تخيل وتحقيق كامل إمكاناتهن عن طريق التعبير عن أفكارهن الداخلية بحرية، دون خوف أو تردد، تقول روضة، وهي فتاة من مصر شاركت مؤخراً في نشاط اشتمل على استخدام كتيب مذكرات "أنا فتاة مناضلة" باللغة العربية: "هناك أشياء أود قولها ولا يمكنني التعبير عنها، لكن الكتيب أرشدني في عملية الكتابة للتعبير عما بداخلي".

 وبالتالي كانت هذه الطريقة سبيلاً للسلام الداخلي والتوازن عن طريق التعبير عن الذات وهذا أيضاً من وجه من وجوه حب الذات.

تمهلي كي تلهمي بأن الله سبحانه وتعالى قد أعطاك ما لا يُعد ولا يُحصى من الميزات الجميلة والتي أحيانا تتجاهلينها أو حتى لم تكتشفيها بعد. 

وفي هذا السياق لا بأس من الإستعانة "بصديقة" تتسم بالموضوعية والمصداقية  ومصدر للثقة كي تساعدك في تحديد هذه الصفات والمواهب العديدة التي تملكينها والتي تشعرين بعد كتابتها والتأمل فيها كم أنت مميزة.

وصفة 5: عاملي نفسك برفق ومودة

تعلمنا منذ الصغر أن نتعامل مع أخطائنا وكأنها نهاية العالم، فأية هفوة نقوم بها أو ذنب نرتكبه هو عارٌ علينا لبقية حياتنا. لا يا عزيزتي تعودي أن تقبلي كونك مخلوق من طين، يرتكب الأخطاء فيتوب ويتعلم منها ويسعى دوماً للتحسين والتطوير والتعلم.

وصدقيني إن الإحساس الدائم بالذنب شعورٌ قاتل يقضي على بذور الإبداع داخلك ويؤدي الى نتيجة معاكسة اي كراهية الذات بدلاً من حب الذات، وهذا ما يُسبّب لكِ التشويش والتشتت الذهني وعدم التركيز، لذلك لا تجلدي نفسك نتيجة اي خطأ أو هفوة وتذكري بأن السلام الداخلي هو ايضاً حق من حقوقك البديهية، فلا تدعي الأخطاء تعيق مسيرتك وتقف في وجه رحلتك الجميلة نحو التعرف على الذات ومحبتها، بل بادري الى اصلاح ما يمكن اصلاحه ثم تعلمي من هذه الأخطاء أهم الدروس ، وهذا ما يفتح أمامك الأفق المظلمة ويساعدك على التوازن والتقدم والمضي قُدماً.

وتذكري الرحمة الإلهية الفياضة:

" قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" ( الحجر 53). 

لذلك، إعملي على التعلم البنّاء من أخطائك، واية عقبة تواجهك ، بما فيها الأخطاء، ما هي سوى دروس للعبرة وليس للشكوى أو الخجل أو التراجع أو اليأس.

تمهلي عزيزتي كي تلهمي بأن المولى سبحانه وتعالى فتح لنا باب التوبة وعاملنا برفق ورأفة حتى عندما نسرف على أنفسنا فلا تقنطي من رحمة الله تعالى وتيقني بأن ما هو آتٍ هو أجمل بكثير مما مضى بإذن الله تعالى.

ولا تخلطي بين من تكونين وبين ماذا تفعلين، فالنفس مكرّمة حتى وإن أخطأت ويبقى عليها تصحيح مسارها عند الخطأ وليس الإنتحار أو الإنتقام من الذات بل حب الذات مهما كثرت المحاولات، تعلمي لا بل أتقني فن التعاطف مع الذات لأن التعاطف هو من أجمل علامات حب الذات لأن فيه سعادتك فضلاً عن الفوائد الصحية والنفسية التي تنتج عن ذلك.

وصفة 6: لا تخافي بشأن آراء الآخرين، ولا تقلقي من النقد

أن يحب المرء ذاته ويقدرها ويحترمها، ليس معناه ألا يستمع لآراء الآخرين والتعلم من خبراتهم وتجاربهم ، لا بل يمكن الأخذ بهذه الآراء إذا وجد فيها النفع والصواب، ولكن، لا يمكن بأي حال من الأحوال، أن تتركي آراء الآخرين تؤثر على السلام الداخلي في أعماق نفسك، لأن هذا يعيقك ويصيح كالصنم في طريقك، وهنا ركزي على مسألة هامة وهي أن النقد لا يقلل من شأنك، بل اجعلي من النقد فرصة جديدة من فرص حب الذات.

لذلك، إسمعي للآخر، ولكن لا تقلقي بشأن ما يقول، إستفيدي من الملاحظات ولا تجعلي الانتقادات تكبلّك على الاطلاق، لأن هذا الأمر مضيعة للوقت، فلا تهدري وقتك سدى، بل تابعي المسير ، وتحدي العقبات ، وليكن شعارك حب الذات فوق كل اعتبار لأنه من المستحيل أن تجعلي الجميع راضياً وسعيداً بما تفعلينه أنتِ في حياتك، الانتقادات سوف تلاحقك، وعندما تقومين بما هو صائب فلا تلتفتي كثيراً للوراء.

وصفة 7 : لا تنتظري الكمال في كل شيء 

الكمال لله سبحانه وتعالى وحده ونحن علينا دوماً أن نُصدق النية بأن نتحلى بالأخلاق الحميدة ونقوم بالأفعال الصحيحة ونسعى لهذا الهدف فعلاً وقولاً.

حين تُنجزين أي عمل خذي في الإعتبار غاية الإتقان بكل معنى الكلمة، ولا تعتبري بأن هذا أمر في غاية الصعوبة بل هو بكل بساطة القيام بكل ما بمقدورك القيام به لإنجاز واجباتك على أتم وجه، الاتقان هو انجاز العمل كما تقتضي الأصول بذلك، وهنا تبرز صورتك الذاتية ومدى تقديرك لها، حب الذات معناه أن تنجزي ما عليك بأبهى صورة، ليس من أجل الآخرين، بل من أجل أن تنعم روحك بالسلام الداخلي الذي يضفي السكينة على لحظات عمرك، إنه التوازن الذي يمدك بالفخر به وأنت تقومين بعملك كما يجب.

لذلك قومي بعملك دون أي إهمال أو تقصير، وإعلمي أن هذا هو واجبك الشرعي تجاه مولاك عز وجل، قومي بكل ما تستطيعين، وتذكري قول الله تعالى:

 " وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ " ( الأنفال /60)  

 عند هذا الحد تكونين قد قمتِ بما عليك، فلا ترهقي نفسك بالركض نحو الكمال، فالكمال عند الكثيرين من الناس هو " تجنب إنتقاد الآخرين". هذا ليس صحيحاً ، قومي بما عليك ورحبي بأية وجهة نظر أخرى وإعتبريها فرصة للتعلم إذا كان النقد في مكانه وإذا لم يكن كذلك، تعاملي مع الموضوع بمنتهى الموضوعية ودون أي غضب أو توتر أو خوف من آراء الغير كما سبق وذكرنا. لذلك لا تجزعي من ارتكاب الأخطاء فهي سبيلك للتطور والتقدم ، فلا تجعلي الكمالية تقودك الى جلد الذات، بل احرصي بأن يكون الاتقان الى حب الذات وتقديرها.

إسعِ للتحلي بصفات المؤمن الحق، الذي لا يسعده المديح ولا يجزعه الذم، قومي بما عليك وإهمسي في أعماقك "اللهم إشهد إني بلغت".

وتنبهي هنا لمسألة في غاية الأهمية، لا تطلبي الكمال من الآخرين ايضاً ولا تصوبي سهام الإنتقاد غير البنّاءة تجاهم بحجة هذا الكمال المطلق غير الموجود أصلاً بين البشر،

فسيد الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام هو فقط من يُمثل الأسوة الحسنة فقط. 

وقد قال أحدهم وهو يتكلم عن كنز السلام الداخلي المتجذر في الانسانية

"لا يمكننا أن نبلغ الكمال، إلا أنّ هنا شيء واحد يمكننا القيام به، أن نحاول باستمرار أن نكون أكثر إنسانيّة، أن يحاول كل إنسان أن يكون إنسانًا أكثر بقدر الإمكان " (الفيلسوف الإسلامي علي عزت بيغوفيتش).

 وصفة 8: تعرّفي على نفسك أكثر فأكثر كي تحبيها أكثر.

حين نتعرف بشخصٍ معين ويصبح من المقربين، نسعى بكل جهدنا للتعرف عليه وعلى جميع تفاصيل حياته، فلماذا إذا لا نقوم بنفس الشيء مع أنفسنا؟

هل فكرتِ عزيزتي بأخذ إستراحة يومية من جميع مشاغل الحياة ومسؤولياتها للتفرغ لنفسك؟ للتواصل معها ومناجاتها؟ وهل تقومين بإجراء حوار يومي ينطلق من روحك ويستقر في قلبك؟ 

هل تجددين العلاقة الطيبة مع نفسك بشكلٍ مستمر؟ وهل أنت ممن يحبذ الضوضاء خوفاً من الوحدة؟

لا تخلطي بين الوحدة وبين التواصل الفعال مع الذات من أجل حب الذات. تمهلي عزيزتي وإعلمي بأن الأهم بالنسبة لك هو نفسك.

إعملي على تزكيتها بأية طريقة ترتأتينها ومهما بلغت مهامك اليومية لا تتجاهلي مسألة التواصل الذاتي مع روحك وقلبك وعقلك من أجل أن تنعمي بسحر السلام الداخلي والتوازن النفسي والعقلي والروحي .

إمنحِي نفسك دقائق تعترفين بها لنفسك كم أنت فخورة بها وكم أنت ممتنة لها. تعودي على نفسك أكثر وكوني أنتِ أعز صديقة على قلبك.

وقرري بأن الوقت الذي تدونين فيه أية ملاحظة على هذا الدفتر  أو المجلد هو وقت مقدس سواء صباحاً أو مساءً أو أي وقت تحبذينه أكثر. المهم إجعلي اللقاء بنفسك من أجمل الأحداث التي تصادفك يومياً وحتى التحدث مع النفس أمام المرآة ليس جنونًا بل هو ... عادة صحية ولها فوائد جمة، لأن اللقاء مع الذات وجه راقٍ من أوجه حب الذات 

وصفة 9: إحتفلي بإنجازاتك وقدرّي نفسك جيداً

غالباً ما نحتفل بالمناسبات التي تخص الآخرين من زفاف، إنجاب طفل، نجاح، الإنتقال إلى منزل جديد...وغيرها من المناسبات الإجتماعية العديدة.

حسناَ، هذا أمر جيد بالطبع ولكن تمهلي قليلاً يا عزيزتي وفكري بنفسك ، أجل فكري بنفسك،ولا تعتقدي بأنك أنانية على الإطلاق، لا تنتظري أن تأتي المكافأة أو الإحتفال بشيء يعنيك من قِبل الآخرين، بل حفزّي نفسك بنفسك وبمعنى آخر، تعلمي فن مكافأة الذات من أجل حب الذات

إفرحي بما تقومين به وعوّدي نفسك على مكافآتها، وليس بالضرورة أن تكون المكافأة هنا مادية، قد تكون إتصال هاتفي بأحد المعارف الأعزاء على قلبك، أو التمعن بزهرة موجودة في حديقة بيتك فتحمدين الله سبحانه على هذه النعمة،

فكري مثلاً بجلسة صافية مع ذاتك للعبادة الروحية القلبية، أو المشي في مكان هادىء، وربما  إعداد وجبة من الوجبات المفضلة لديك.

إختاري ما يناسبك، المهم أن تتواصلي مع نفسك وأن تمضي برفقتها أكثر وقت ممكن، لا بد وأن تعترفي لها بأنها تستحق الحصول على هدية ثمينة من إختيارك أنتِ.. وحدك، حب الذات، هو معرفة الذات وتقديرها جيداً واحترامها، وكل ذلك يحتاج منك الوقت، فلا تبخلي على نفسك بهذا الوقت لأنك انسانة كريمة بالفطرة، طبقي هذه الفضيلة على نفسك أولاً كي تتمكني من إعطائها للآخرين بعد ذلك.

حب الذات ، التحدث مع الذات، ومعانقة الروح التي تتغلغل داخل كيانك ، هي الكفيلة بإهداء السلام النفسي لهذه الروح والتوازن للقلب والعقل معاً ، لذلك تحدثي مع نفسك، هذا ليس جنوناً على الإطلاق كما سبق وقلتُ لكِ وصدقيني كل هذا سينعكس إيجاباً على علاقتك بالآخرين أيضاً.

وصفة 10: فتشي عن راحتك دوماً 

أحياناً نصادف العديد من الأشخاص ذوي الطباع الغريبة، منها السامة أو المتنمرة أو حتى العدوانية، لذلك من الواجب عليك هنا حماية نفسك والحفاظ على طاقتك بأعلى مستوياتها الايجابية. 

وراحتك هي السبيل الوحيد للاستمرار والمضي قُدماً بإتجاه السعادة والاستقرار والسلام الداخلي، ولا يمكن للمرء أن يتمتع بالتوازن والقدرة على التفاعل الايجابي مع الآخرين في حال تواجده ضمن بيئة "ملوثة" بشتى أنواع المضايقات، لذلك لا تتيحي المجال لأية بيئة سامة بالتأثير على سلامك الداخلي، بل لا بد من التعرف على السبل السليمة للتعامل مع هذا الوضع، كي تبقى على تواصل دائم مع نفسك دون تشويش أو ازعاج.

أن حب الذات يحتم عليك أن تصوني هذه النفس المكرمة، فلا تدعي أحداً يؤثر على راحتك سواء النفسية أو الجسدية أو حتى العقلية، وبادري فوراً للتحرر من أي مصدر سلبي، واعتمدي قاعدة " بالتي هي أحسن"" كي تتحول حياتك نفسها نحو الأحسن.

وصفة 11: لا تقلقي من القلق أو الخوف 

في مسيرة حياتك من الطبيعي أن تواجهي الخوف من الفشل أو االقلق من المستقبل ، وهذا أمر انساني وطبيعي لا بل صحي أيضاً، هذا في حال بقي ضمن الحدود الطبيعية، لأن الخوف يكون أحياناً دافعاً للتطور ولكن أن يتحول الى صنم يقف بوجه سعادتك واستقرارك ويعيق نموك الشخصي، فهنا ليس من المسموح التمادي أبداً، بل توقفي فوراً وانتبهي، إقبلي هذا الخوف أو القلق دون قلق أو اضطراب ،  وتعاملي معه وكأنه عارض صحي لا بد من معرفة أسبابه وأخذ الدواء الشافي بصورة نهائية.

حب الذات يستلزم أن تتقبلي قلقك وخوفك لكن يجب عليك في الوقت نفسه من التعامل مع هذه الظواهر بدراية ووعي، لأن التوازن ينمو كلما أكتسبتِ خبرة في التعامل مع الظواهر  غير المريحة التي تصادفك بحيث تتمكنين من السيطرة عليها بالطريقة السليمة وبذلك يستقر السلام الداخلي في قلبك ويبث نوره نحو العقل والقلب، فتستمر حياتك بصورة أجمل عندما تقولين للقلق وداعاً ولحب الذات أهلا وسهلاً!

وصفة 12: دافعي عن نفسك حتى أمام نفسك

قد تصادفين مواقف صعبة تضطرين فيها لمواجهة الآخرين من أجل الدفاع عن نفسك، وهذا أمر جيد.

حسناً، أنا أدعوك الآن أن تكوني "محامية" عندما تهاجمك نفسك بأفكارٍ هدامة من شأنها التأثير على ثقتك بنفسك، تعلمي فن الدفاع عن النفس حتى تجاه هذه النفس أحياناً، لذلك، عندما تكونين بمفردك لا تضعي قناع الضحية الكسولة الضعيفة التي تتوارى عن الأنظار كي تعيش ضعفها وهزيمتها، بل عوّدي نفسك أنه مهما واجهتك المصاعب ، كوني مع نفسك قوية، مثّلي دور القوية، حتى تعشق نفسك هذا الدور ، حينها تكتسبين خبرة في فن مواجهة الذات من أجل الذات وبالتأكيد حب الذات أيضاً 

وصفة 13: لحظات السعادة وتحقيق الذات لا تتكرر... لا تضيعي الفرصة

في خضم مشوارك المتواصل في هذه الحياة قد لا تنتبهين جيداً لبعض الفرص البنّاءة، وقد لا تعيشين السعادة الآن وتؤجلين الاحتفال بأي انجاز الى ... الغد.

 لا ترتكبي هذا الخطأ، بل عيشي حب الذات جيداً وإغتنمي كل فرصة مؤاتية، لا تؤجلي الفرح بل إفرحي وافرحي الآن ولا تترددي، وكل فرصة متاحة حاولي الاستفادة منها. اللحظات الجميلة والفرص المؤاتية قد لا تتكرر، إفرحي الآن، ودققي في كل التفاصيل، كي تجدي ما تستحقينه فعلاً.

وصفة 14: كوني جريئة في كل مكان

الخجل ليس معناه أن نخنق أفكارنا واحلامنا أمام الآخرين، لأن معنى حب الذات هو قدرتك على التعبير عما تريدين وبماذا تفكرين بمنتهي الحرية ولكن ضمن الأصول.

لا تخنقي ذاتك، وتمرني جيداً على التعبير عن آراءك بوضوح وأطلقي العنان لهذه الأفكار كي تجول في عقول الآخرين أيضاً كي لا تصابي "بالقاتل الأسود" واعلمي أن رأيك لا يقل أهمية عن رأي أي انسان آخر، أنتِ تعلمين أن حب الذات هو السبيل لتقدير الذات واحترامها، لذلك طبقي كل ذلك من الناحية العملية، وطبقيه بالصورة السليمة، وهذا سيجعلك أكثر توازناً لا سيما حين تشعرين بأن السلام الداخلي قد احتل اعماقك.

وصفة 15: كوني دوماً جميلة بنظر نفسك

الجمال حين ينبع من الروح يضفي على الوجه نوراً ساحراً لا مثيل له، لذلك فليكن السلام الداخلي الذي تتمتعين به هو شهادتك العليا بأن ما تتمتعين به من جمال هو جمال آخاذ ، تحلي بجمال الروح كي تهتمي بجمالك على كافة المستويات، وكوني دوماً جذابة بنظر نفسك وهذا هو حب الذات كي تكوني جميلة بنظر الآخرين، وهذا يعني بأنه عليك اتقان فن الاهتمام بجميع أوجه الجمال الموجودة في هذه الحياة كي ينعكس جمالها عليك فتزدادي حينها بهاءً وسحراً.

وصفة 16: كوني لطيفة واختاري الالفاظ الأكثر رقة

لماذا نتفنن في اختيار الكلمات الجميلة حين نتكلم مع الآخرين؟ وحين نتحدث مع أنفسنا، نغيّب كل المعاني الطيبة؟

هل سألتِ نفسك هذا السؤال؟ مهما كان الجواب، لا ترتكبي هذا الخطأ ولا تقعي في الفخ الذي نقع فيه دون أن نعرف مدى خطورته لأن حب الذات يحتم عليك الاعتزاز بنفسك والتحدث معها بكل فخر ومحبة وثقة.

صدقيني حب الذات يجنبك الألفاظ العنيفة بحق ذاتك، لأن هناك تفاصيل كثيرة في الحياة قاسية بطبيعتها وتتطلب الكثير من الصبر، فلا تصعبي الوضع على نفسك أكثر ، وغيّري نظرتك تجاه نفسك وذاتك الانسانية، أنظري الى نفسك بعين الرحمة والرأفة وتوددي لها بألطف العبارات، وثقي بأن هذا الأمر سوف يجعلك تحلقين في عالم ساحر من السلام الداخلي والتوازن الروحي والعقلي والصحي وما عليكِ سوى التفنن في ...حب الذات.

هي وصفات جميلة ولكنها ليست وجبات جاهزة على الفور!  فحب الذات وما يتركه من آثار جميلة لا سيما السلام الداخلي والتوازن لا يحدث فجأة ولا يتطور بين ليلة وضحاها ، الأمر  لا يتم بكبسة زر لأنه يحتاج منكِ  التأني والصبر والارادة  والكفاح  والتضحية... ومع كل هذا، سؤالي لك الآن من بين كل هذه الخطوات ما هي الخطوة التي شعرتِ بأنك تودين تنفذيها فوراً للتقرب من ذاتك والتودد لنفسك وتقديرها؟ 

بمجرد أنك تملكين الجواب فهذا جميل جداً هيا قومي إذاً بما تحبين القيام به ولا تترددي وهنيئاً لكِ على هذا الانجاز الهام.

0 تعليقات