طموح غيّر العالم | كوكو شانيل

 

طموح-غيّر-العالم-كوكو-شانيل

الجميع يحلم بأن يغير الواقع، مع اختلاف الأسباب و الأحلام. الفكرة تبدأ حينما ندرس مادة التاريخ، تملؤنا الدهشة و الانبهار بكل تلك الشخصيات التي غيرت التاريخ، و ما زالت مؤثرة في العالم حتى الآن. بالرغم من مرور عشرات بل آلاف السنين على إنجازاتها إلا أن هذه الإنجازات مفيدة حتى يومنا هذا. هنا نسرح في عالم من الأحلام ماذا لو كنت أنا مكان هؤلاء؟ لأن العقل البشري خصوصاً في الصغر يملك قدرة رهيبة على التخيل، يجعلك تغوص في عالم من الأحلام، لأنه لازال يحتفظ ببراءته، لم يصطدم بأرض الواقع بعد. أنت لا تعرف وقتها كم كان ثمن ذلك النجاح العظيم. ماذا فعل هؤلاء حتى يصلوا لذلك الأثر العظيم. كم بذلوا من الجهد و الوقت حتى يكونوا ما هم عليه. كيف كانت حياتهم قبل هذا النجاح، بماذا ضحوا حتى يكونوا عظماء فى التاريخ.

الجدير بالذكر أن معظم هؤلاء العظماء لم يسعوا للعظمة. بل كان أكثرهم يسعى للتطوير و تيسير الحياة. كانت حياتهم صعبة مليئة بالمتاعب و العثرات. و هذا ما جعل منهم عظماء. كانوا يسعون للمستحيل بصدر رحب. لا تهمهم مشقة الطريق، لكن ما يهمهم النتيجة العظيمة، التي سوف تسهل حياة البشرية. لم يكن هؤلاء يفكرون بنفسهم. و لم يكن همهم المال و الشهرة. كان يهمهم تغيير حياة الناس للأفضل. لذلك استطاعوا تحقيق نجاحات عظيمة. و خلّدهم التاريخ و بقي أثرهم حتى يومنا هذا.

نحن برغم كل الرفاهيات و الإمكانيات الحديثة. إلا أننا نعجز على فعل ما فعلوه. ليس لأننا مرفهين، بل لأننا نبحث عن الرفاهية. نحن نريد المال بدون عمل. نريد النجاح بدون سعي. نريد كل شئ دون أن نتنازل عن أي شئ. و الحياة ليست كاملة و لن تكتمل إلا بالرضا. لا أحد يستطيع الحصول علي كل شئ. فلا تنخدع بالمظاهر، ما تظهره لك وسائل التواصل الإجتماعي ما هو إلا جزء من كل. حتى لو كان بث مباشر، بعض الناس تجيد التمثيل ببراعة حتى تكون "trend" و تحصل على المزيد من المشاهدات. تشاهد أنت و تنبهر و تتحسر على شبابك، و يجمع هو الآخر المزيد من المال. لكن المظاهر خادعة، و هذا النوع من الشهرة لا يترك أثر طيب فى النفوس. ولن يغير حياة الناس بل يزيدها سوءاً.

العادات

في القرن التاسع عشر كان الناس في قالب معين. قوانين موضوعة، لا تعلم من وضعها لكنك ستتبعها بدون أي اعتراض. ليس لك الحق في إبداء رأيك. الجميع مسيّر، لا يوجد اختيار. هذا هو الإتيكيت يجب أن تمشي بهذه الطريقة. يجب أن تأكل بهذه الطريقة. يجب أن تتحدث بهذه الطريقة. حتى الحزن و الفرح كان له طريقة. و لم يكن أحد يفكر في الاعتراض. كانوا معتادين على تلك الحياة و هذه الطريقة.

كانت المرأة لها زي محدد. و هو الفساتين المنفوشة التي كانت ثقيلة جداً و الكورسيه الذي كان مقيد للحركة. و بالرغم عدم الراحة في تلك الملابس، إلا أنه لم يكن هناك أي خيار للمرأة سوي هذا الزي القاتل. و لم يكن يجرؤ أحد على لبس أي زي آخر. كان يجب على الجميع لبس الموضة الشائعة، بدون التفكير أو البحث عن الراحة. كانت المرأة مجبرة على هذه الملابس رغم تضررها الشديد منها.

كان الاعتراض على تلك القوانين مستحيل. من يعترض فهو متمرد، و يعامل معاملة المنبوذين طوال حياته. حتى لا يتجرأ على العادات و التقاليد مرة أخري. و ربما أخرجوه من البلدة بأكملها. لا مكان للمتمردين بيننا. قد يفسد أخلاق الأطفال. و تقع الكارثة، يخرج الأمر عن سيطرة العادات. لكن العادات التى لا تعطي مجال للطموح أن يتطور و يكبر فهي قيود يجب أن تكسر. سنتعرف على كوكو شانيل و رأيها في عادات القرن التاسع عشر.

كوكو شانيل

كوكو شانيل و اسمها الحقيقى غابرييل شانيل. توفت والدتها و عمرها 12 سنه، و تركها أبوها في ملجأ، حيث تعلمت الخياطة. في الثمانية عشر من عمرها بدأت شانيل العمل كبائعة قبعات في أحد المحلات. ثم عملت كمغنية في أحد المقاهي و من هنا أخذت شانيل لقب "كوكو"، و أثناء العمل كمغنية، كانت تبيع قبعات من صنعها الخاص في الشوارع. كانت شانيل مختلفة و متحرره. لا تكترث للقواعد و العادات المقيدة. كانت دائماً تحلم بأن يكون لها محل خاص بها في أشهر شوارع باريس. و من المقهى تعرفت على مجموعة من الأغنياء، منهم شاب إنجليزي يدعى بوي، الذي ساعدها على افتتاح أول محل للقبعات خاص بها.

شانيل كانت تمتلك ذوق خاص. مما ساعدها على الاستمرارية. كانت دائماً تصنع الجديد المختلف. و جميع السيدات تأتي لتشتري من تصميماتها الفريدة، و ذوقها الرفيع. شانيل كانت تحب الحرية و تسعى إليها، لا تكترث بالأزياء المفروضة على الجميع. فكانت تصنع ما تحب، أبدعت في صناعة القبعات بدون الريش و كل الإكسسوارات التي كانت توضع عليها. كانت تصميماتها هادئة و أنيقة. حتى أصبحت تصميماتها هي اللون الجديد للموضة. و كان الجميع يسعى إلى تقليد تصميماتها. ثم دخلت في عالم العطور فكان أول عطر لها باسم " No.5" .

تغيير الموضة

كانت شانيل تسعى دائماً للحرية. فمنحت الحرية لنفسها. و كانت أولى خطواتها في اتجاه تغيير موضة الملابس عندما ارتدت فستان من تصميمها الخاص، مصنوع من قماش الجيرسي القديم، كان الفستان خالي من كل التعقيدات التي كانت في الفساتين التقليدية، كان بسيط و مميز. حتى أن كل من رأتها أعجبت به. و أخذ الجميع يسأل عن الفستان و من أين تشتريه. فكانت تلك فرصة شانيل لدخول عالم الأزياء. و قالت شانيل أنها بوسعها صنع فستان مثله لمن تريد.

اقتحمت شانيل عالم الأزياء بفساتينها الرقيقة، الخالية من الكورسيه و الثقل و التعقيدات. و بدأت في عمل تصميمات هادئة بسيطة، أشهرها الفستان الأسود الصغير " The Little Black Dress "،و بدلة شانيل " Chanel Suit". و قامت شانيل بافتتاح البوتيك الخاص بها. ثم قامت بعدة زيارات حول العالم تقدم عروض الأزياء التي تصممها. و برغم أنها اضطرت لإغلاق جميع المحلات بسبب الحرب العالمية. إلا أنها عادت بعد أنتهاء الحرب و بدأت من جديد، و عادت معاها شهرتها. حتى أن الصحف الإنجليزية كتبت عن أزيائها أنها ثورة في عالم الموضة. لم تكن شانيل تسعى للشهرة، بل كانت تطمح لتحرير المرأة من تلك القيود التي تسمى بالعادات، ولكن بالطريقة التي تجيدها. و ما زال الفضل يرجع لها حتى الآن.

صفات الطموحين

كل إنسان يستطيع أن يكون طموح. لكن الشغف و الطموح وحدهما لا يكفيان. عندك طموح؟ و ماذا بعد؟ يجب أن تُجهز نفسك لذلك الطموح، حتى تحققه و تطور منه. و ليس الغرض من هذا الكلام تخويفك و إحباطك. بل الغرض تحفيزك للوصول إلى طموحك. و أول خطوة في طريق الطموح هو أن تصدق أنه سوف يتحقق. كيف تريد من الناس أن تصدقك و أنت لا تصدق نفسك؟ الثقة و الإيمان نابعين من داخلك أنت. الناس قد كذّبوا الرسل في بداية دعوتهم. هل تتوقع أن يصدقوا بك من أول خطوة؟ طريق الطموح طويل لكن نهايته نجاح عظيم و طموح يتحقق. فلا يذوق طعم النجاح إلا من يستحقه. سوف أعطيك بعض النصائح تعينك على طريق الطموح:

  • اسعى دائماً للتطوير
  • كن ملتزماً بالمهام و الأهداف
  • كن ذو سعة للتعلم من الآخرين
  • تقبل أن الفشل جزء من النجاح
  • ابحث عن حافز لك
  • ضع خطة في شكل أهداف قابلة للتحقيق

كيف تحقق المستحيل

نستنتج من قصة كوكو شانيل، أنه نحن من نخلق المستحيل. لا يوجد شئ مستحيل ما دمت تتوكل على الله. لكن يتطلب منك العمل الجاد، و السعي وراء طموحك. و عليك أن تكون محدد. أن يكون طموحك ذو قيمة و نفع لك و للعالم إن أمكن في المستقبل.

ليس عيباً أن يكون طموحك كبير برغم إمكانياتك. كل من وصل لم يكن طريقه ممهد. لو ألقيت نظرة على جيم كاري ستجد أنه كان في بيئة غير مهيئة للطموح. و لو بحثت عن ستيف جوبز ستجد أن شركة apple بدأت من جراج منزل والده. أما عن والت ديزني فقد تم رفضه لقلة إبداعه. لكنك لا تعرف عن هؤلاء سوى نجاحاتهم. ها هو جيم كاري حاصل على عدد من الجوائز و أفلامه لا يُمل منها. و ما زالت شركة apple تحقق ارباح هائلة على أثر ستيف جوبز. أما ديزني لاند التي يأتي إليها الزوار من جميع أنحاء العالم. و كوكو شانيل التي غيرت تاريخ المرأة. كل هؤلاء لم يكن تركيزهم على الشهرة و جمع المال. بل كان الهدف هو تحويل الطموح من مجرد حلم في الخيال إلى طموح يراه العالم، و تستمتع به البشرية. و قد وفقوا في ذلك، و توّج نجاحهم بالأثر الدائم حتى بعد وفاتهم.

لن نقول أن جمع المال لم يكن في الخطة. لكن كل منهم كان يعمل منذ الصغر و أعتمد على نفسه في تمويل مشروعه الخاص، و التطوير من طموحه. تحقيق المستحيل يحتاج إلى طموح بلا حدود، و خطوات مدروسة للسعي تجاه الطموح و تطويره. كذلك تحتاج منك مرونة لتسطيع أن تواكب الظروف و تستغلها لصالح طموحك. و تستطيع أن تغير ما تحتاج لتغييره، و تتقبل ما لا تستطيع تغييره. و في النهاية تحتاج إلي الرضا، لأن الحياة لا تكتمل إلا بالرضا.

و تذكر لن يخلق الله الرغبة داخلك إلا لسبب.

0 تعليقات