10 اضطرابات نفسية أثناء الركود الاقتصادي وطرق التغلب عليها




يعيش المواطن العالمي سواء كان شيوعيًا أو رأسماليًا حياة التقلبات على جميع الأصعدة والنواحي أو كما أُسميها (المطحنة) حيث أنه يمر بعدة أزمات منها العالمية التي تخص العالم بجميع أرجائه و منها المحلية. و تبدأ معه المعاناة التي تكمن في كيفية المعيشة في ظل هذه الأجواء المُلغمة. و لا ننسى أثر الفراشة الذي يُهيمن على المشهد الاقتصادي العالمي وما ينتُج عنه من تقلبات في جميع بلدان العالم.

عِلاوة على ذلك، يمُر العالم على مدار الأزمنة بتغيرات اقتصادية الكبيرة منها والصغيرة و تحدث هذه التغيرات نتيجة لأسباب كثيرة لكن دومًا علماء الإقتصاد هم من يكون شغلهم الشاغل عن أسباب حدوث هذه التغيرات لكن ما يشغل عامة الناس ليس الأسباب فحسب بل نتيجة هذه التغيرات و كيف تؤثر عليهم في حياتهم العادية.

و تشمل التغيرات الإقتصادية عدة أشكال منها الجيدة مثل مصطلح "الازدهار الاقتصادي"ومنها السئ مثل "الكساد الإقتصادي" و "الركود الاقتصادي". ومن هذه التغيرات تأثيرات على حياة الفرد المادية و الإجتماعية و الصحية و النفسية حيث إنه مما لا شك فيه أن الفرد سريع التأثر بالبيئة المحيطة به و أيضًا يستطيع أن يؤثر فيها.

و من هُنا تتناول مقالتنا التأثير النفسي على الأفراد الناتج عن سوء الأحوال الإقتصادية حيث أنه يوجد علاقة طردية تربط الحالة الاقتصادية للفرد و حالته النفسية و هذا ما ينعكس في علم النفس المالي. لكن قبل كل شيء لابد و من تعريف ما هو الركود الإقتصادي و ما علاقة الأفراد به.


الركود الإقتصادي 

يتم تعريف الركود الإقتصادي أو "Economic Recession" على أنه هبوط مُستمر في النشاط الإقتصادي و عجلة الإنتاج مُتمثل في تضاؤل الإنتاجية و التوظيف مما ينتج عنه قلة الدخل و الإنفاق لدى الأفراد و قد يستمر عدة أشهر. و أيضًا من مظاهر الركود هو كسل في عمليات البيع و الشراء في الأسواق. و إذا إستمر هذا الركود بالتزايد قد يؤدي في بعض الأحيان إلى كساد إقتصادي أو "Economic Depression" مثل الذي بدأ في أغلب أنحاء العالم عام 1929. 


كيف يتأثر الأفراد بأحوال الإقتصاد؟ 

كيف ولا يؤثر الإقتصاد على سلوك الأفراد و هو أحد العوامل الأساسية لتحديد معيشتهم. تدور عجلة الإقتصاد و يدور معاها الأفراد من أجل دفع عجلة الإنتاج و مما يترتب عليه تحسين الحالة المادية والاجتماعية لهم.

الإنسان هو أحد عوامل الإنتاج الرئيسية التي تناولتها كتب الإقتصاد و يندرج تحت مسمى "الأيدي العاملة" أو "Labor Force". و قطعًا يتأثر أي نشاط اقتصادي بنسبة هذا العامل. فالبتالي الإقتصاد و أحواله يؤثرون في الأفراد تأثيرًا ملحوظًا. سوف نترك باقي الجوانب التي يؤثر عليها الإقتصاد على الأفراد و سنلقي الضوء على جانب واحد فقط منها و هو الجانب النفسي.


علم النفس وعلاقته بعلم الإقتصاد 

يدرّس علم النفس بطبيعته السلوك الإنساني و كيف يسلك الفرد مساراته عبر حياته نتيجة لأسباب ما و لكن يتفرد علم "الإقتصاد السلوكي" أو "Behavioral Economics" بهذا المعنى.

فتعريفه يكون:

أنه هو العلم الذي يقوم بتحديد أهواء وميول الفرد و التي بطبيعتها تعكس مدى تأثره و تأثر قرارته نتيجة الحال الإقتصادي و العكس.

أو بمعنى آخر:

أنه يدرس ارتباط علم النفس باتخاذ القرارات الاقتصادية المصيرية للأفراد والمؤسسات. 

يختص أيضًا علم الاقتصاد السلوكي بتفسير مسار الأفراد في استهلاك الموارد و نتيجة لأي اختلال قد تسلك الأفراد مسارات تتنافى مع القوانين السائدة. سوء الأحوال المادية و تدهور عجلة التنمية قد تؤدي إلى أضرار و إضطرابات نفسية عديدة للفرد و هذا ما سوف نسرده إليكم في الفقرات التالية. إليكم أعزائي القُراء عشرة إضطرابات نفسية تحدث بسبب الركود الاقتصادي وكيفية التغلب عليها بقدر المستطاع.

أولاً:الضيق النفسي 

يُسبب الركود الإقتصادي ضائقات كثيرة عند الأفراد الاغنياء منهم والفقراء. و من أبرز هذه الضائقات الضائقة المادية و التي بدورها تؤثر سلبًا عليهم و تُشعرهم بالعجز و عدم سداد المستحقات مما ينتج عنه الضيق النفسي.

ينتج أيضًا الضيق النفسي أثناء سوء الأحوال الإقتصادية نتيجة فقدان وظيفة، عدم القدرة على الادخار والإنفاق، عدم القدرة على تلبية الإحتياجات الأساسية، تدهور الصحة الجسدية، إلخ… 

ثانيًا:الاكتئاب

الإكتئاب هو النِتاج الطبيعي للنقطة السابقة حيث إذا استمرت الأوضاع بسوءها لعدة أشهر أو مدة أطول من ذلك يقفز الفرد السيطرة على حالته النفسية مؤدية به إلى الدخول في مرحلة الإكتئاب. و عند هذه النقطة من الإضطراب النفسي يكون المرء بلا حيلة غير أنه مستسلم لمرضه النفسي و هذا قد يودي به إلى الانتحار! 

ثالثًا:إضطرابات النوم

تحدث إضطرابات النوم نتيجة لكثرة التفكير و تراكم المسؤوليات لدى المرء. قد يُصاب بعض الناس بالأرق حيث لا يستطيعون النوم بسهولة إلا في وجود المُهدئات و البعض الآخر ينام لفترات طويلة هروبًا من الواقع.

رابعًا:الصدمة المعقدة

يحدُث هذا الإضطراب النفسي جِراء تكرار القلق و الحُزن و تزداد أكثر فأكثر مع طول فترتهما. و أيضًا يعتمد هذا النوع من المرض النفسي بالنقطة السابقة و هي اضطرابات النوم حيث تعمل على زيادة الصدمة.  

خامسًا:الخوف من المستقبل 

من منا لا يخاف من حدوث أشياء مُعينة في المستقبل و يتوجس خيفة من تحققها. الخوف عامًة يُعتبر إضطراب نفسي قد يُصيب الإنسان و يطغى على مشاعره وحياته.

يُفكر جميع الناس في المستقبل المادي لديهم والذي بدوره يؤثر حاليًا على الصحة النفسية لديهم. الخوف من تقلبات الوضع الاقتصادي يجعل الإنسان عُرضة إلى المرض النفسي المُزمن.  

سادسًا: التوتر العصبي 

مع تفاقم الأوضاع المادية و إزدياد الخوف تجاه المجهول يزداد تلقائيًا التوتر العصبي عند الفرد. و بطبيعة الحال التفكير في كيفية تدبير و تأمين الأمور و التوفيق بين الدخل القليل و الإلتزامات و الإحتياجات المطلوبة يُزيد من التوتر و الإنزعاج.

سابعًا:تناقص الثقة بالنفس

لا شك أنه عندما تزداد أعباء المصاريف و التحديات المادية يشعر الإنسان خاصًة الرجل بصفته رب الأسرة بأنه عاجز عن سداد الاحتياجات و المتطلبات الأساسية لأسرته نتيجة الركود الاقتصادي فالبتالي يرى نفسه بشكل سئ و من هُنا يفقد الثقة بنفسه تدريجيًا. 

ثامنًا:الحقد الطبقي 

مع اضمحلال الأوضاع الإقتصادية ينشأ هذا النوع من الاضطراب النفسي نتيجة وجود الفروقات الطبقية التي تتخلل المجتمع. مع تزايد الفجوات الاجتماعية بين طبقات المجتمع الواحد تنشأ الضغينة والكراهية بين الطبقة الأكثر إنحدارًا و الطبقة الأكثر إغتِناءً مما يؤدي إلى تفاقم الشعور بالحقد و قد ينتج عنه إلحاق الآذى للغير.   

تاسعًا:الانحدار الخُلقي

الإنحدار و التدني الخلقي ينشأ من النقطة السابقة حيث يعطي الشخص المؤذي الحق لنفسه في إيذاء الغير مبررًا بأنه حق مُكتسب. و من المتعارف عليه أنه إذا ساءت الأوضاع الاقتصادية ازدادت الجريمة و الأعمال الغير أخلاقية المبنية على أحقاد مدفونة و تزداد معه أيضًا تبريرات لهذه الأعمال.

عاشرًا:إضطرابات الشخصية

اضطراب الشخصية هو تشخيص نفسي  لبعض الأعراض التي قد تُصيب الفرد نِتاج بعض المشاكل و التحديات و من هذه الأعراض أن الإنسان لا يِقوى على فهم المشاكل و لا المسؤوليات و يبغض الحياة و الاجتماعيات. علاوة على ذلك أنه نتيجة التشتت الذهني الناتج عن كثرة الضغوطات المادية والنفسية يصبح الشخص:

-سريع الإنفعال و الغضب.
-فاقد الرغبة في العيش و قد يحمل ميول انتحارية.
-فاقد الرغبة في التعرف على الناس. فبالتالي يصبح كارهًا للحياة الإجتماعية و من حوله.
-غير مهتم بأي جانب من جوانب الحياة ولا بأي شئ و هذا قد ينتج عنه اللامُبالاه في كل شئ.
-عدواني تجاه الأشياء و الأفراد.
-كثير الكذب و التبرير الغير واقعي.
-غير مُهتم بمظهره وملبسه.
-مائل إلى الحقد و الأذى.
-يفكر في إرتكاب الجرائم و يخلق لها المُبررات.
-غير مُتزن في تصرفاته و أفعاله.
-غير محل ثقة لجميع من حوله.

و هذه النقطة تُعتبر بأنها مُجمع للنقاط السابقة حيث إذا توافرت أغلب هذه الإضطرابات في شخص ما يصير هذا الشخص مضطرب نفسيًا!

نورًا في آخر النفق 

لابد و يا عزيزي القارئ من وجود الحلول لتخطي أي أزمة مالية تحدث لك و هذا يحدث من خلال طرق التفكير الإيجابية التي يجب أن تحتاط بها للخروج من أي أزمة. إعلم دومًا أن الأزمات المالية أو الإقتصادية لا تنتهي فلذلك عليك بأخذ جميع الاحتياطات مُسبقًا كي لا تنهي عليك هذه الأزمات. 

هون على نفسك و كُن دومًا مستعدًا

عليك بالتغلب على هذه الإضطرابات النفسية و ذلك من خلال التصالح مع الذات. كُن دومًا متأكد من أنك لست الوحيد الذي يمر بهذه الأزمات لكن أنت تتميز في طريقة الخروج منها بأقل الخسائر. يقول بيل جيتس:

ليس خطأك أن تولد فقيرًا، بل خطأك أن تموت فقيرًا.

لذلك نستعرض إليكم عِدة أفكار تُخلصك من التوتر و التفكير و تؤمنك على المدى البعيد:

- لا تستسلم لأفكارك السلبية و حاول أن تبدلها بأفكار إيجابية و ذلك من خلال تغيير طاقتك أنت و بمعني أصح "Fake it till you make it".

-أزِل فكرة الحقد و الحسد من تفكيرك حيث أننا كلنا مختلفين عن بعضنا البعض و لقد وهب الله عز و جل لكن منَّا نصيبه في الدنيا فلا تنظر إلى ما في يد الغير حتى لا تسخط على حياتك و ذلك قد يؤدي بك لإرتكاب السقطات الأخلاقية.

-إلجأ إلى صديق أو قريب لك آهل للثقة و تكلم معه عن ضائقتك و ذلك قد يساعدك على تسريب الطاقة السلبية التي تكمن بداخلك و تخطي الأزمة التي لحقت بك.

 -ثِقْ دائمًا في نفسك و في قواك و أنك دومًا تستطيع أن تُخرج نفسك من الضيق. 

-كُن مستعدًا لأي تقلبات إقتصادية عالمية بتأمين نفسك ماديًا و ذلك من خلال:   

  • إقتناء قدر كافٍ من الذهب.
  • شراء بعض الأسهم في شركات.
  •  إيجاد وظيفة تُحقق لك الإكتفاء   الذاتي و تكفل لك حق الإدخار.
  • التفكير  خارج الصندوق و إنشاء مشروع جديد مهما كانت سعته يحقق لك الربحية بجانب وظيفتك الحالية.
  • إدخار القدر الكافي من المال.

و في الختام، أود أن أُعلق أنك أنت الوحيد الذي تستطيع أن تُخرج نفسك من المأزق و ليس أي إنسان آخر بالنيابة عنك لذلك تمالك كل قُواك و كن على إستعداد لمواجهة مصاعب الحياة. و كما يقول جوردان بيلفورت:

إذا كنت تريد أن تكون غنياً ، فلا تستسلم أبداً. يميل الناس إلى الاستسلام. إذا كنت شخصاً مثابراً، سوف تسبق معظم الناس في نجاحك. الأهم من ذلك، سوف تتعلم. عندما تفعل شيئاً ، قد تفشل. لكن هذا ليس لأنك فشلت. هذا لأنك لم تتعلم بما فيه الكفاية. افعل ذلك بشكل مختلف في كل مرة. في احد الايام، سوف تفعل ذلك بشكل صحيح. أجعل الفشل صديقاً و معلماً.

0 تعليقات